بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
إلى الإخْوَةِ القَائِمِيْنَ على جَرِيْدَةِ عُكَاظٍ ... هَدَانا الله، وإيَّاهُم لِمَا فيه خَيْرٌ.
السَّلامُ عَلَيْكُم، ورَحْمَةُ الله، وبَرَكَاتُه أمَّا بَعْدُ:
فَقَدْ وَقَفْتُ على مَقَالِكُم بِرَقْمِ (12307)، وتَارِيْخِ (3/ 2/ 1421هـ) تَحْتِ عُنْوَانِ: "تَصْوِيْتٌ: نَوَادٍ رِياضِيَّةٌ للسَّيِّدَاتِ"، حَوْلَ قَضِيَّةِ: "إنْشَاءِ نَوَادٍ للسَّيِّدَاتِ بإشْرَافِ الأنْدِيَّةِ الرِّيَاضِيَّةِ".
قُلْتُ: لاشَكَّ أنَّ الجَمِيْعَ على يَقِيْنٍ بأنَّكُم تُرِيْدُونَ بِهَذا التَّصْوِيْتِ؛ طَرْحَ الآرَاءِ، والاقْتِرَاحَاتِ، ومُطَارَحَتَها للمُنَاقَشَةِ؛ ومِنْ ثَمَّ أخْذُ مَا كَانَ مِنْها حَقًّا، وطَرْحَ مَا سِوَاه، وهَذَا هُوَ حُسْنُ ظَنِّنَا بِكُم إنْ شَاءَ الله، لا مُجَرَّدُ مُدَاعَبَةِ المَشَاعِرِ، أو العَبَثُ بِعُقُوْلِ القُرَّاءِ، أو تَهْمِيْشُ آرَاءِ المُشَارِكِيْنَ .
* * *
لِذَا كَانَ مِنْ حَقِّنَا أنْ نُشَارِكَ ببَعْضِ مَا نَرَاهُ مُنَاسِبًا حَوْلَ القَضِيَّةِ المَطْرُوْحَةِ مِنْ خِلالِ أمُوْرٍ مُخْتَصَرَةٍ:
أوَّلاً: لا نَنْسَ بأنَّ النَّوَادِيَ الرِّياضِيَّةَ الَّتِي أُنْشِئَتْ مِنْ زَمَنٍ بَعِيْدٍ للشَّبَابِ؛ لَهِيَ جَدِيْرَةٌ بأنْ تَكُوْنَ مِثَالاً وَاقِعِيًّا حَيًّا نَسْتَطِيْعُ مِنْ خِلالِه أنْ نَأخُذَ العِبْرَةَ، والأحْكَامَ مِنْها؛ والحَالَةُ هَذِه نَسْتَطِيْعُ حِيْنَئِذٍ أنْ نَحْكُمَ على النَّوَادِي النِّسَائِيَّةِ، وهَذَا ما يُسَمَّى بالقِيَاسِ الأصُوْلِي.
فإذَا كَانَ الأمْرُ كَذَلِكَ؛ فَلَنَا الحَقُّ أنْ نُفْصِحَ بِشَيْءٍ مِمَّا سَمِعْنَاه، أو رَأيْنَاه في هَذِه النَّوَادِي الرِّياضِيَّةِ (للأسَفِ) فَنَقُوْلَ: إنَّنا لَمْ نَجْنِ مِنْها مُنْذُ عَرَفْنَاها إلاَّ الثِّمارَ الرَّدِيَّةَ، والأشْوَاكَ الوَخِيْمَةَ : كقَتْلِ الأوْقَاتِ، وهَدْرِ الطَّاقَةِ والجُهُوْدِ، وضَيَاعِ الأمْوَالِ... كَمَا أنَّها حَمَلَتِ النَّاشِئَةَ مِنْ شَبَابِ الأمَّةِ على سَفَاسِفِ الأمُوْرِ، وسَيءِ الأخْلاقِ، في حِيْنَ أنَّها أبْعَدَتُهُم عَنْ مَعَالِي الأمُوْرِ، وجَمِيْلِ الأخْلاقِ؛ حَتَّى وَصَلَ الحَالُ عِنْدَ أكْثَرِ النَّاشِئَةِ أنَّ غَايَةَ عِلْمِهم مَا كَانَ مِنَ الأخْبَارِ الرِّياضِيَّةِ، وحَيَاةِ الرِّيَاضِيِّيْنَ : كَيْفَ يَلْعَبُوْنَ، ومَتَى يَنَامُوْنَ، ومَاذَا يَأكُلُوْنَ، ومَاذَا يَرْكَبُوْنَ ومَاذَا يَسْكُنُوْنَ...؟ وهَكَذَا غَايِةُ ثَقَافَتِهِم! فأوْقاَتُهُم فَارِغَةٌ، وطَاقَتُهُم مُهْدَرَةٌ، وأهْدَافُهُم صِبْيانِيَّةٌ، وحَيَاتُهُم عَشْوَائِيَّةٌ... وهَذَا الغَالِبُ، والحُكْمُ للأعَمِّ .
* * *
فَلَيْتَ شِعْرِي لَوْ أنَّ أحَدًا مِنَ العُقَلاءِ أرَادَ أنْ يَجْلِسَ سَاعَةً بَيْنَ صُفُوْفِ الجَمَاهِيْرِ الرِّياضِيَّةِ لِيَسْمَعَ، ويَرَى مَا تَلْفِظُه ألْسِنَتُهم، وتُكِنُّه قُلُوْبُهم ... لَعِلَمَ أنَّ الأمْرَ جِدُّ خَطِيْرٌ، والشَّرَّ مُسْتَطِيْرٌ، وهَذَا كُلَّهُ لا يَحْتَاجُ إلى كَبِيْرِ مُخَافَتَةٍ، أو مُجَامَلَةٍ؛ فالوَاقِعُ أكْبَرُ شَاهِدٍ على مَا أقُوْلُ .
* أمَّا إذَا سَألْتَ عَمَّا تَلْفِظُه أفْوَاهُهُم: فالسِّبابُ، والكَلِمَاتُ النَابِيَةُ، والعِبَارَاتُ السُّوْقِيَّةُ، والصَّيْحَاتُ الجَمَاعِيَّةُ، والصُّرَاخَات الأجْنَبِيَّةُ ...!
* أمَّا مَا تُكنُّه قُلُوْبُهم: فالحِقْدُ، والحَسَدُ، والبُغْضُ، والحَنَقُ تُجَاهَ بَعْضِهم بَعْضاً!
* أمَّا إذَا سَألْتَ عَنْ ألْوِيَتِهم، وشِعَارَاتِهم الَّتِي يَنْضَوْوُنُ تَحْتَها، أو يَسْتَظِلُّوْنَ بِظِلِّها: فألْوَانٌ مَا أنْزَلَ الله بِها مِنْ سُلْطَانٍ؛ فَعَلَيْها يَتَقَاتَلُوْنَ، ويُبْغِضُوْنَ، ويَسُبُّوْنَ، ويَبْكُوْنَ، ويُصْعَقُوْنَ، ورُبَّما يَمُوْتُوْنَ...!
فإذَا كَانَتِ الحَالَةُ هَذِه؛ فَلا تَسْألْ سَاعَتَئِذٍ عَنْ وَاجِبِهِم نَحْوَ أمَّتِهِم، وكِتَابِهِم، وسُنَّةِ نَبِيِّهِم صلى الله عليه وسلم؛ عِلْماً أنَّ الأمَّةَ الإسْلامِيَّةَ هَذِه الأيَّامِ أحْوَجُ مَا تَكُوْنُ إلى شَبَابِها الَّذِيْنَ هُمْ أرْكَانُها، وعِمَادُها : فِكْرًا، وعَقِيْدَةً، وأخْلاقًا، وهِمَّةً، ونُصْرَةً ... فإلى الله المُشْتَكَى، وعَلَيْه التُّكْلانُ!
* * *
فإذَا سَلَّمْنا مَا ذَكَرْنَاه، أو بَعْضَ مَا حَقَّقْنَاهُ؛ فَهَلْ يَأتِي بَعْدَ هَذَا مُسْلِمٌ غَيُوْرٌ، أو عَاقِلٌ رَشِيْدٌ فَيُنَادِي، أو يُطَالِبُ بإنْشَاءِ نَوَادِي رِيَاضِيَّةٍ للنِّسَاءِ؛ إنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ؛ بَلْ هَذَا فَسَادٌ في الألْبَابِ.
فَكَانَ الأوْلَى بِنَا جَمِيْعًا أنْ نَسْعَى في اسْتِدْرَاكِ، وإصْلاحِ مَا يُمْكِنُ إصْلاحُه تُجَاهَ نَوَادِي الشَّبَابِ لا أنْ نَزِيْدَ الطِّينةَ بِلَّةً، وأنْ نَأخُذَ بأيْدِي شَبَابِنَا إلى مَعَالِي الأمُوْرِ ومَحَاسِنِها، ورَفْعِ هِمَمِهم إلى أعْلَى الغَايَاتِ، وأفْضَلِها .
فَكَانَ الأوْلَى بِجَرِيْدَةِ "عُكَاظٍ" أنْ تَطْلُبَ مِنْ قُرائِها تَصْوِيْتًا لِذِكْرِ آرَائِهِم، واقْتِرَاحَاتِهم حَوْلَ نَوَادِي الشَّبَابِ القَائِمَةِ، لا النِّسَاءِ القَادِمَةِ؟!
* * *
ثَانيًا: وهَلْ بَنَاتُنا في هَذِه البِلادِ ـ بِلادِ الحَرَمَيْنِ، ومَهْبَطِ الوَحْي ـ كُنَّ يَوْمًا مِنَ الأيَّامِ في حَاجَةٍ إلى هَذِه النَّوَادِي؟ أو هَلْ رَفَعْنَ أصْوَاتِهِنَّ، وطَالَبْنَ بِهَذِه النَّوَادِي؟، إنَّ هَذِه الأسْئِلَةَ لا تَحْتَاجُ إلى كَبِيْرِ إجَابَاتٍ؛ لأنَّ وَاقِعَ بَنَاتِنا في هَذِه البِلادِ الإسْلامِيَّةِ أبْعَدُ مَا يَكُوْنُ عَنْ هَذِه المُطَالَبَاتِ المُخْتَلَقَةِ، والنِّدَاءاتِ المُفْتَعَلَةِ، ولا عِبْرَةَ بَعْدَ ذَلِكَ بالوَاحِدَةِ مِنْهُنَّ أو الاثْنَتَيْنِ، فَالشَّاذُ لا حُكْمَ لَهُ!
فَبَنَاتُنا في هَذِه الجَزِيْرَةِ ـ ولله الحَمْدُ ـ قَدْ بَلَغْنَا غَايَةَ العِفَّةِ، وأحْسَنَ الأخْلاقِ؛ حَيْثُ ارْتَدَيْنَ جِلْبَابَ الحَيَاءِ الَّذِي فَرَضَه الله تَعَالَى عَلَيْهِنَّ في كِتَابِه، وسُنَّةِ نَبِيِّه صلى الله عليه وسلم؛ فَهُنَّ عَفيفَاتٌ غَافِلاتٌ عَنْ هَذِه القَضِيَّةِ المَطْرُوْحَةِ؛ بَلْ إخَالُهَا قَضِيَّةً مَفْضُوْحَةً مَجْرُوْحَةً في شَهَادَتِها، وطَرْحِها .
* * *
ثَالِثًا: لَوْ فَرَضْنا جَدَلاً ـ لا قَدَّرَ الله ـ أنَّ امْرَأةً مُسْلِمَةً عَفيفَةً أرَادَتْ أنْ تُشَارِكَ في أحَدِ النَّوَادِي الرِّياضِيَّةِ؛ فَمَاذَا يَا تُرَى سَيَكُوْنُ لِبَاسُها حِيْنَئِذٍ؟ سَافِرًا أمْ سَاتِرًا؟ وهَلْ يَكُوْنُ ضَيِّقًا أم وَاسِعًا؟ وهَلْ شَعْرُها يَكُوْنُ مَكْشُوْفًا أم مَسْتُوْرًا؟
وهَلْ يَا تُرَى المُدَرِّبَاتُ سَيَكُنَّ كَافِرَاتٍ، أم مُسْلِمَاتٍ؟ وهَلْ سَيَكُنَّ النِّسَاءُ المُشَارِكَاتُ في النَّادِي فاسِقَاتٍ مُتَبَرِّجَاتٍ، أم عَفيفَاتٍ مُحْتَشِمَاتٍ؟، وغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الأسْئِلَةِ الَّتِي يُمْلِيْها وَاقِعُ النَّوَادِي النِّسَائِيَّةِ الَّتِي تَرَكْنَاها خَشْيَةَ الإطَالَةَ .
* فإذَا كَانَ الجَوَابُ مَا كَانَ مِنَ الاخْتِيَارِ الأوَّلِ مِنْ كُلِّ سُؤالٍ:
فَهَذَا لا يَجُوْزُ شَرْعًا، وطَبْعًا، كَمَا أنَّه لا يَتَمَاشَى مَعَ عَادَاتِ بَنَاتِنا، وحُسْنِ أخْلاقِهِنَّ؛ والحَالَةُ هَذِه فَلَيْسَ إذَنْ لِوُجُوْدِ النَّوَادِي النِّسَائِيَّةِ مَكَانٌ بَيْنَنَا، وكَفَى الله المُؤْمِنَاتِ القِتَالَ، والفِتَنَ .
* أمَّا إذَا كَانَ الجَوَابُ، مَا كَانَ مِنَ الاخْتِيَارِ الثَّانِي مِنْ كُلِّ سُؤَالٍ؛ فَلا يَخْلُو مِنْ مَلْحُوظَاتٍ:
أوَّلاً: أنَّ اللِّباسَ السَّاتِرَ الوَاسِعَ المُحْتَشَمَ لا يَصْلُحُ للحَرَكَاتِ الرِّيَاضِيَّةِ؛ سَوَاءٌ : في (كُرَةِ القَدَمِ)، أو اليَدِ، أو السِّبَاحَةِ ... لأنَّه يُخَالِفُ الحَرَكَةَ الرِّياضِيَّةَ ضَرُوْرَةً .
ثَانِيًا: وأنْ كُنَّ عَفيفَاتٍ صَالِحَاتٍ مُحْتَشِمَاتٍ، وهُوَ كَذَلِكَ ... فَهُنَّ إذَنْ لا يَحْتَجْنَ إلى شَيْءٍ مِنَ هَذِه التُّرَّهَاتِ، والمَتَاهَاتِ؛ بَلْ هُنَّ مَشْغُوْلاتٌ بِمَعَالِي الأمُوْرِ، ومَحَاسِنِ الأخْلاقِ، ومُتَفَرِّغَاتٌ لأعْمَالِهِنَّ نَحْوَ بِيُوْتِهِنَّ، وطَاعَةِ أزْوَاجِهِنَّ، وتَرْبِيَةِ أبْنَائِهِنَّ، وهَذَا كُلُّهُ لا يَلِيْقُ قَطْعًا مَعَ هَذِه الفَرَاغَاتِ، والتُّرَّهَاتِ الكَامِنَةِ فيمَا يُسَمَّى: بالنَّوَادِي الرِّياضِيَّةِ!
* * *
رَابِعًا: أنَّه لا يَجُوْزُ شَرْعاً لأيِّ مُسْلِمٍ أنْ يَطْرَحَ مَسْألةً شَرْعِيَّةً لأذْوَاقِ النَّاسِ، وتَحْتَ أصْوَاتِهم لاسْتِطْلاعِ آرَائِهِم .
فَكَانَ الوَاجِبُ على جَرِيْدَةِ "عُكَاظٍ" أنْ تَأتِيَ البُيُوْتَ مِنْ أبْوَابِها!
لِذَا كَانَ وَاجِبًا عَلَيْها شَرْعاً أنْ تَرْفَعَ هَذِه القَضِيَّةَ، وقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ إلى عُلَمَائِنا الأفَاضِلِ؛ كَيْ يَدْلُوا بِحُكْمِهِم الشَّرْعِي؛ لا أنْ تُتْرَكَ في مَهَبِّ رِيَاحِ الأهْوَاءِ، والأذْوَاقِ .
عِلْماً أنَّ مَا يُسَمُّوْنَه: "اسْتِطْلاعَ الرَّأي العَامِ"، مَا هُوَ إلاَّ تَغْلِيْفًا للبَاطِلِ بأسْمَاءٍ، وعِبَارَاتٍ مُفَخَّمَةٍ ـ مُلَغَّمَةٍ ـ يَحْسَبُها الظَّمَآنُ مَاءً حَتَّى إذَا جَاءها وَجَدَها سَرَابًا، وهَذَا ـ الاسْتِطُلاعُ العَامُ ـ هُوَ في الحَقِيْقَةِ "دِيْمُقْرَاطِيَّةٌ" أيْ: حُكْمُ الشَّعْبِ بالشَّعْبِ، لا شَرِيْعَةِ الرَّبِّ! لِذَا ألْبَسُوْها لَبُوْسَ الظَّأنِ، ومَرَّرُوْهَا على الصُّمِّ، والعُمْيَانِ!
وصَدَقَ فيهِم قَوْلُ الرَّسُوْلِ صلى الله عليه وسلم؛ حِيْنَمَا قَالَ: «سَيَأتِي على النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ، يُصَدَّقُ فيها الكَاذِبُ، ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ، ويُؤْتَمَنُ فيها الخَائِنُ، ويُخَوَّنُ فيها الأمِيْنُ، ويَنْطِقُ فيها الرُّوَيْبِضَةُ. قِيْلَ: ومَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ يَتَكَلَّمُ في أمُوْرِ العَامَّةِ» أحْمَدُ، وهُوَ صَحِيْحٌ، انْظُرْ: "السِّلْسِلَةَ الصَّحِيْحَةَ" (1888) للألْبَانيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى.
فإنْ تَعْجَبَ؛ فَعَجَبٌ لِمَنْ ذَهَبَ يُحَكِّمُ أذْوَاقَه في قَضَايا الأمَّةِ الإسْلامِيَّةِ مَعَ قِلَّةِ عِلْمِهِ، وفَسَادِ لِسَانِه!
وقَدْ أحْسَنَ المُتَنَبِّي في قَوْلِه:
ومَنْ يَكُ ذَا فَمٍّ مُرٍّ مَرِيْضٍ *** يَجِدْ مُرًّا بِهِ المَاءَ الزُّلالا
* * *
ولَوْ أنَّنا أرَدْنا هَذِه المَسْألَةَ، وأمْثَالَها "دِيْمُقْرَاطِيَّةً" -عَيَاذًا بالله- فَلْيَكُنْ اسْتِطْلاعُ الرَّأيِ حِيْنَئِذٍ على كَافَّةِ أهْلِ بِلادِ الحَرَمَيْنِ، ولَوْ حَصَلَ ـ جَدَلاً ـ لَتَجَاوَزَتِ الأرْقَامُ الحِسَابَاتِ، وعَلَتِ الأصْوَاتُ كُلَّ مَكَانٍ؛ حَتَّى إنَّك لا تَجِدُ أهْلَ بَيْتِ مَدَرٍ، ولا حَجَرٍ إلاَّ وَنَادَى : بِمَنْعِ، وحُرْمَةِ "النَّوَادِي الرِّياضِيَّةِ للنِّسَاءِ"، في هَذِه البِلادِ، في حِيْنَ تَخْفِقُ أصْوَاتُ الآخَرِيْنَ، وتَتَلاشَى أرْقَامُهُم بَيْنَ المَلايِيْنَ ... فلله الأمْرُ مِنْ قَبْلُ، ومِنْ بَعْدُ.
وكَذَا نُذَكِّرُكُم بِقَوْلِ الله تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال:25]، وبِهَذَا نَكْتَفي بِمَا أجْرَاهُ القَلَمُ بِصَدَدِ: "إنْشَاءِ نَوَادٍ رِياضِيَّةٍ للنِّسَاءِ".
فأسْتَوْدِعُكُم اللهَ تَعَالَى في السِّرِّ، والعَلَنِ، وأسألُه تَعَالَى أنْ يَحْفَظَ بِلادَنا، وبَلادَ المُسْلِمِيْنَ مِنْ كُلِّ سُوْءٍ، وأنْ يَعْصِمَ نِسَاءَ المُسْلِمِيْنَ مِنْ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْها، ومَا بَطَنَ، آمِيْنَ!
والصَّلاةُ، والسَّلامُ على مُحَمَّدٍ المُخْتَارِ، وعلى آلِهِ الأطْهَارِ، وصَحْبِهِ الأبْرَارِ
وكَتَبَه
ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي
(5/ 2/ 1421)
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الكرام:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... أما بعد:
فإني أحمدُ الله إليكم نعمة الإسلام الذي لا يقبل الله تعالى سواه، كما أُناشدكم من خلال رسالتي هذه بدافع الأخوة في الله وأمانة النصيحة بيننا: أن تقوموا بواجبكم نحو دينكم؛ وذلك بالذَّبِّ عنه، والمنافحةِ عنه ما تردَّدت الأنفاس فينا.
ومن خلال هذا فإني أنثر بين أيديكم هذا المقال الذي نشرته جريدة "عكاظ"، وهو المطالبة من أبناء وبنات المسلمين أن يصوِّتوا ويطرحوا أراءهم حول قضية "إنشاء نوادي رياضية للسيدات" ـ زعموا ـ!
فكان واجبنا أن نقوم لله غَيْرَةً، ونصرةً لدينه، بأن نُناصح جريدة "عكاظ" مهاتفةً ومراسلةً؛ إبراءً للذمة، ومعذرةً إلى الله تعالى.
ولا ننسَى أننا لن نُعذر أمام الله تعالى في مثلِ هذه المناصحة التي طالبنا بها غيرُنا سواءٌ كانوا صادقين أم كاذبين .
كما نرجوا منكم أن ترفعوا إلى ولاة الأمر هذا الأمر الذي طرحته "عكاظ" لأغراء بناتنا في هذه البلاد العزيزة الطاهرة من لوثات المستغربين، ونجاسات العلمانيين .
ومنه نُطالب كلَّ مسلمٍ غيورٍ على دينه أن يُحرِّضَ أخواتنا المسلمات على رفع أصواتهم وإرسال خطاباتهم لـ"عكاظ" وولاة الأمر لأنَّ الأمر يخصهم أكثر من غيرهم .
أخوكم في الله
ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي
أبو صفوان
(5/ 2/ 1421)