الإسْرَاعُ في مَجَالِسِ السَّمَاعِ
|
|
|
الإسْرَاعُ في مَجَالِسِ السَّمَاعِ
أقْسَامُهُ وأحْكَامُهُ
تَألِيْفُ
الشّيخ الدّكتُور
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على عَبْدِهِ ورَسُوْلِهِ الأمِيْنِ.
وبَعْدُ؛ فَإنَّ عَقْدَ مَجَالِسِ سَمَاعِ الحَدِيْثِ لَهِيَ مِنَ السُّنَنِ المَهْجُوْرَةِ الَّتِي كَادَتْ أنْ تَنْدَثِرَ، ولاسِيَّما في بِلادِ الحَرَمَيْنِ، كَمَا أنَّهَا مِنْ جَادَّةِ أهْلِ الحَدِيْثِ قَدِيْمًا وحَدِيْثًا؛ حَيْثُ تَلَقَّاهَا الخَلَفُ عَنِ السَّلَفِ، والأصَاغِرُ عَنِ الأكَابِرِ، كَمَا هُوَ مَعْلُوْمٌ بالضَّرُوْرَةِ مِنَ التَّارِيْخِ العِلْمِيِّ لهَذِهِ الأُمَّةِ، الَّتِي قَدْ تَمَيَّزَتْ عَنْ غَيْرِهَا بخِصَالٍ كَثِيْرَةٍ جِدًّا، فَكَانَ مِنْهَا: خَصْلَةُ مَجَالِسِ السَّمَاعِ في تَثْبِيْتِ أنْسَابِ الكُتُبِ تَحْتَ مُسَمَّيَاتِ: الأثْبَاتِ، والإجَازَاتِ، والمَشْيَخَاتِ، والمُعْجَمَاتِ، والفَهَارِسِ، وغَيْرِهَا مِمَّا يَعْلَمُهُ طُلَّابُ الحَدِيْثِ والأثَرِ.
ولَيْسَ حَدِيْثِي هُنَا عَنْ ذِكْرِ فَضَائِلِ مَجَالِسِ السَّمَاعِ، فَبَابُهُ طَوِيْلٌ ومِحْرَابُهُ نَبِيْلٌ، ومَنْ أرَادَها طَرِيَّةً فَلْيَنْظُرْهَا في مَبْسُوْطَاتِ كُتُبِ «عُلُوْمِ الحَدِيْثِ»، المُسَمَّاةُ مُؤخَّرًا: بمُصْطَلَحِ الحَدِيْثِ!
في غَيْرِهَا مِنْ مُقَدِّمَاتِ بَعْضِ كُتُبِ الأجْزَاءِ والسَّمَاعَاتِ والمَشْيَخَاتِ الَّتِي صَنَّفَهَا أصْحَابُهَا اسْتِقْلالًا، ولاسِيَّما بَعْضُ كُتُبِ المُعَاصِرِيْنِ.
وعَلَيْهِ؛ فَإنَّ مَجَالِسَ السَّمَاعِ تُعَدُّ في جُمْلَتِهَا: سُنَّةً نَبَوِيَّةً، وطَرِيْقَةً أثَرِيَّةً، ومَدْرَجةً عِلْمِيَّةً، وسِلْسِلَةً نَسَبِيَّةً، وخَصْلَةً إسْلامِيَّةً تَميَّزَ بِهَا المُسْلِمُوْنَ عَمَّنْ سِوَاهُم مِنَ الأُمَمِ.
* * *
ومَهْمَا يَكُنْ مِنْ فَضَائِلِ مَجَالِسِ السَّمَاعِ إلَّا أنَّهَا أخَذَتْ اليَوْمَ عِنْدَ بَعْضِ المُعَاصِرِيْنَ طَرِيْقًا عِوَجًا خَالَفُوا فِيْهِ أهْلِ السُّنَّةِ في طَرِيْقَةِ سَمَاعِهِم للسُّنَّةِ، مَا بَيْنَ اجْتِهَادَاتٍ مَغْلُوْطَةٍ، وطَرَائِقَ مَرْفُوْضَةٍ تَحْتَ رُكُوْبةِ عَجَلةِ السُّرْعَةِ المُفْرِطَةِ الَّتِي تُسْتَدَارُ في مَجَالِسِ سَمَاعِ الأحَادِيْثِ النَّبَوِيَّةِ!
فَلَيْتَ شِعْرِي! لَوْ أنَّ هَذِهِ الأُغْلُوْطَاتِ السَّماعِيَّةَ وَقَفَتْ هَذِهِ الأيَّامَ عِنْدَ مَجْلِسٍ أو مَجْلِسِيْنَ؛ بَلْ تَعَدَّتْ ذَلِكَ وتَجَاوَزَتْهُ إلى كَثِيْرٍ مِنْ بِلادِ المُسْلِمِيْنَ: كمِصْرِ، وبِلادِ الحَرَمَيْنِ، والكُوَيْتِ، وقَطَرٍ، والبَحْرَيْنِ وغَيْرِهَا، الأمْرُ الَّذِي أوْجَبَ على أهْلِ العِلْمِ والحِجَى أنْ يَقِفُوا مَعَ هَذِهِ المَجَالِسِ بشَيءٍ مِنَ النَّصِيْحَةِ والتَّوْجِيْهِ، وهُوَ مَا سَطَّرْتُ بَعْضَهُ في هَذِهِ الرِّسَالَةِ الصَّغِيْرَةِ، تَحْتَ عِنْوَانِ: «الإسْرَاع في مَجَالِسِ السَّمَاعِ»، واللهُ المُوَفِّقُ والهَادِي إلى سَوَاءِ السَّبِيْلِ.
* * *
فَكَانَ مِنْ خَبَرِ فَضْلِ مَجَالِسِ السَّمَاعِ؛ أنَّ اللهَ تَعَالى قَدْ أكْرَمَنِي بحُضُوْرِ كَثِيْرٍ مِنْ مَجَالِسِ السَّمَاعِ الحَدِيْثِيَّةِ وغَيْرِهَا؛ حَتَّى شَاءَ اللهُ تَعَالى لي أنْ أحْضُرَ مُؤخَّرًا مَجْلِسَ سَمَاعٍ في مَكَّةَ المُكَرَّمَةِ لأحْدِ أهْلِ العِلْمِ الفُضَلاءِ؛ كَي نَسْمَعَ مِنْهُ «مُوَطَّأ الإمَامِ مَالِكٍ»، مِنْ خِلالِ مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، يَمْتَدُّ مِنْ صَلاةِ العَصْرِ إلى سَاعَةٍ مُتَأخِّرَةٍ مِنَ اللَّيْلِ!
فَلَّما بَدَأ مَجْلِسُ السَّمَاعِ، وشَرَعَ الطُّلَّابُ بقِرَاءَةِ الأحَادِيْثِ، فَإذَا بي أسْمَعُ وأرَى مَا خَيَّبَ ظَنِّي، وضَيَّقَ صَدْرِي؛ حَيْثُ سَمِعْتُ هَرْهَرَةً وبَرْبَرَةً لا تَجْتَمِعَانِ ولا تَرْتَفِعَانِ، فَلَمْ اسْتَطِعْ أنَا وغَيْرِي أنْ نَفْهَمَ مَا يَقُوْلُوْنَ ولا نُدْرِكُ مَا يَقْرَؤوْنَ، بَلْ كَانَ حَظِّي مِنْ ذَلِكَ المَجْلِسِ: اللِّحَاقُ خَلْفَ القَارِئ مِنْ خِلالِ تَقْلِيْبِي لصَفَحَاتِ الكِتَابِ لَعَلَّ وعَسَى أُدْرِكُ حَدِيْثًا مَسْمُوْعًا، ومَعَ هَذَا أيْضًا لم اسْتَطِعِ اللِّحَاقَ بِه إلَّا فِيْمَا قَلَّ ونَدَرَ، واللهُ يَغْفِرُ لي ولَهُم آمِيْن!
ومَعَ هَذَا أيْضًا؛ فَإني لا أُجيْزُ لنَفْسِي مِنْ خِلالِ هَذَا المَجْلِسِ: ادِّعَاءَ مَرْتَبةِ سَمَاعِ «المُوَطَّأ»، إلَّا بالإجَازَةِ العَامَّةِ، واللهُ المُوَفِّقُ.
* * *
قُلْتُ: إنَّ مَسْألَةَ سُرْعَةِ القِرَاءَةِ أو بُطْئِهَا لَيْسَتْ مَقْصُوْدَةً لذَاتِهَا، بَلْ هِيَ وَسِيْلَةٌ تُقَدِّرُهَا مَجَالِسُ السَّمَاعِ والإمْلاءِ، وبِمَا يَرَاهُ مَشَايِخُ تِلْكُمُ المَجَالِسِ سُرْعَةً كَانَتْ أو بُطْئًا.
ومَهْمَا كَانَتْ سُرْعَةُ القِرَاءَةِ في مَجَالِسِ السَّمَاعِ إلَّا أنَّهَا لا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا مُحَرَّرَةَ الحَرْفِ، مُجَوَّدَةَ الكَلِمَةِ، بمَعْنَى: أنَّهَا تَمُرُّ على إسْمَاعِ الحَدِيْثِ النَّبَوِيِّ بسَبِيْلِ الإفْهَامِ والبَيَانِ، لا بسَبِيْلِ الإبْهَامِ والهَذَيَانِ، وإلَّا كَانَتْ هَرْهَرَةً وبَرْبَرَةً مُرْتَذَلَةً، لا تَصْلُحُ إلَّا للعُجْمِ والطُّمْطُمِ!
قَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: «وقَوْلُكَ: سَمِعْتُ، أو قَرَأتُ هَذَا الجُزْءَ كُلَّهُ، مَعَ التَّمْتَمَةِ، ودَمْجِ بَعْضِ الكَلِمَاتِ: كَذِبٌ!»، وقَالَ أيْضًا: «والسَّمَاعُ بالإمْلاءِ يَكُوْنُ مُحقَّقًا ببَيَانِ الألْفَاظِ للمُسْمِعِ والسَّامِعِ»، وسَيَأتي كَلامُهُ بِتَمَامِهِ إنْ شَاءَ اللهُ.
ومَعَ هَذَا؛ فَقَدْ تَسَامَحَ أهْلُ العِلْمِ في الإدْغَامِ اليَسِيْرِ الَّذِي تَخْفَى فِيْهِ الكَلِمَةُ أو الكَلِمَتَانِ مِمَّا يَقَعُ مِثْلُهُ في مَجَالِسِ السَّمَاعِ، وهُوَ مَا ذَكَرَهُ ابنُ الصَّلاحِ رَحِمَهُ اللهُ في «مُقَدِّمَتِهِ»: «مَا ذَكَرْنَاهُ في النَّسْخِ مِنَ التَّفْصِيلِ يَجْرِي مِثْلُهُ فِيمَا إِذَا كَانَ الشَّيْخُ، أو السَّامِعُ يَتَحَدَّثُ، أوْ كَانَ الْقَارِئُ خَفِيْفَ القِرَاءَةِ يُفْرِطُ في الإسْرَاعِ، أو كَانَ يُهَيْنِمُ؛ بِحَيْثُ يُخْفِي بَعْضَ الكَلِمِ، أو كَانَ السَّامِعُ بَعِيْدًا عَنِ القَارِئ، ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْفَى في كُلِّ ذَلِكَ عَنِ القَدْرِ اليَسِيرِ نَحْوِ الكَلِمَةِ والكَلِمَتَيْنِ» انْتَهَى.
* * *
ومَنْ قَرَأ تَارِيْخَ مَجَالِسِ السَّمَاعِ والإمْلاءَاتِ الحَدِيْثِيَّةِ عِنْدَ أهْلِ العِلْمِ قَدِيْمًا وحَدِيْثًا؛ عَلِمَ أنَّهَا لا تَخْرُجُ غَالِبًا عَنْ أرْبَعَةِ مَجَالِسَ:
الأوَّلُ: مَجَالِسُ عَرْضٍ ومُدَارَسَةٍ؛ بحَيْثُ تُقْرأُ كُتُبُ الحَدِيْثِ على الشَّيْخِ قِرَاءَةَ دَرْسٍ ومُدَارَسَةٍ؛ حَيْثُ يَقُوْمُ الشَّيْخُ: بشَرْحِ الأحَادِيْثِ مَتْنًا وسَنَدًا، وهَكَذَا مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهَا: مَجَالِسُ الشُّرُوْحِ والإمْلاءَاتِ.
الثَّاني: مَجَالِسُ عَرْضٍ وتَقْرِيْرٍ؛ بحَيْثُ يَقُوْمُ الشَّيْخُ في المَجْلِسِ بذِكْرِ بَعْضِ التَّعْلِيْقَاتِ المُهِمَّةِ: كشَرْحِ مَسْألَةٍ أو غَرِيْبٍ، وكَشْفِ مُبْهَمٍ أو لَبْسٍ، وتَوْضِيْحِ نَاسِخٍ أو مَنْسُوْخٍ، وتَصْحِيْحِ تَحْرِيْفٍ أو تَصْحِيْفٍ، وغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْلُوْمٌ.
الثَّالِثُ: مَجَالِسُ عَرْضٍ وإقْرَاءٍ؛ بحَيْثُ يَقُوْمُ الطُّلَّابُ بتَصْحِيْحِ كُتُبِ الحَدِيْثِ على الشَّيْخِ عِنْدَ العَرْضِ والقِرَاءَةِ لَيْسَ إلَّا.
وهَذِهِ الطَّرِيْقَةُ تُعْتَبَرُ في حَقِيْقَتِهَا: هِيَ أصْلُ مَجَالِسِ السَّمَاعِ بعَامَّةِ؛ لأنَّهَا تَقُوْمُ على تَصْحِيْحِ وضَبْطِ الأحَادِيْثِ مَتْنًا وسَنَدًا، وذَلِكَ بعَرْضِ نُسَخِ الطُّلَّابِ على نُسْخَةِ شَيْخِهِم تَصْحِيْحًا وتَجْوِيْدًا، ومَا زَادَ عَلَيْهَا مِنْ طُرُقٍ فَهِي فرُوعٌ تُبْنَى عَلَيْهَا.
وعَلَيْهِ؛ فَإنَّ هَذِهِ الطَّرِيْقَةَ: لا يَجُوْزُ التَّسَاهُلُ بِهَا، ولا التَّسامُحُ عِنْدَهَا؛ لكَوْنِهَا أصْلًا ومَقْصَدًا؛ حَيْثُ تُضْبَطُ مِنْ خِلالِهَا: مُتُوْنُ الأحَادِيْثِ وأسْمَاءِ الرِّجَالِ ضَبْطَا مُحَرَّرًا، ولَوْلا مَجَالِسُ السَّمَاعِ هَذِهِ لمَا اسْتَطَاعَ طَالِبُ العِلْمِ ضَبْطَ كَثِيْرٍ مِنْ رِجَالِ السَّنَدِ، كَمَا يَعْرِفُهُ كُلُّ مَنْ مَارَسَ قِرَاءَةِ الأحَادِيْثِ النَّبَوِيَّةِ مَتْنًا وسَنَدًا.
وهَذَا الضَّبْطُ العِلْمِيُّ المُحَرَّرُ ـ للأسَفِ ـ لا تَسْمَعُهُ اليَوْمَ في كَثِيْرٍ مِنْ مَجَالِسِ سَمَاعِ أهْلِ عَصْرِنَا مِمَّن رَكَبُوا تَصْحِيْفَ المُتُوْنِ، ورَكَنُوا إلى بُنيَّاتِ الظُّنُوْنِ!
الرَّابِعُ: مَجَالِسُ إسْمَاعٍ فَقَط؛ بحَيْثُ يَقُوْمُ الشَّيْخُ بقِرَاءَةِ أحَادِيْثِ كِتَابِهِ ـ أو كِتَابِ غَيْرِهِ ـ على الحَاضِرِيْنَ في المَجْلِسِ، دُوْنَ أنْ يَتَقَيَّدَ أهْلُ المَجْلِسِ بشَيءٍ مِنَ الكُتُبِ، بَلْ يَكُوْنُ حَظَّهُم مِنَ المَجْلِسِ السَّماعُ فَقَطُ، وهُوَ مَا يُسَمَّى اليَوْمَ: بمَجَالِسِ الوَعْظِ والتَّذْكِيْرِ ونَحْوِهَا.
فمِثْلُ هَذِهِ المَجَالِسِ لَيْسَتْ مِنَ مَجَالِسِ السَّمَاعِ الحَدِيْثِيَّةِ الَّتِي يُرَادُ مِنْهَا العَرْضُ والتَّصْحِيْحُ، بَلْ شَأنُهَا شَأنُ مَجَالِسِ الوَعْظِ والتَّذْكِيْرِ لعُمُوْمِ المُسْلِمِيْنَ، كَمَا أنَّها لَيْسَتْ مَقْصُوْدَةَ الحَدِيْثِ هُنَا، واللهُ تَعَالى أعْلَمُ.
* * *
أمَّا إذَا أرَدَتْ يَا طَالِبَ العِلْمِ أنْ تَعْرِفَ طَرِيْقَةَ العَرْضِ الَّتِي كَانَ أهْلُ الحَدِيْثِ يَعْقِدُوْنَ لأجْلِهَا مَجَالِسَ السَّمَاعِ، فَهِيَ صُوَرٌ كَثِيْرَةٌ، مِنْهَا:
الصُّوْرَةُ الأولى: هِيَ أنْ يَعْرِضَ الطُّلَّابُ نُسَخَهُم الحَدِيْثِيَّةَ على نُسْخَةِ شَيْخِهِم، صَاحِبِ الكِتَابِ، كصَحِيْحِ البُخَارِيِّ مَثَلًا.
وهَكَذَا عَرْضٌ بَعْدَ عَرْضٍ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ، ومَجْلِسًا بَعْدَ مَجْلِسٍ إلى الآخَرِ دُوْنَ زِيَادَةٍ أو نُقْصَانٍ.
وعَلَيْهِ؛ فَلَوِ اسْتَمَرَّتْ مَجَالِسُ العَرْضِ هَذِهِ إلى الأخِيْرِ، وحَافَظَ عَلَيْهَا المُتَأخِّرُوْنَ كَمَا كَانَتْ عِنْدَ سَلَفِ الأُمَّةِ: لَمَا احْتَجْنَا إلى جَمْعِ مَخْطُوْطَاتٍ كَثِيْرَةٍ للكِتَابِ الوَاحِدِ مَا بَيْنَ مُصَحَّفَةٍ أو مُحَرَّفَةٍ، ومَا بَيْنَ مُرَقَّعَةٍ أو مُفَرَّقَةٍ، مِمَّا يَعْرِفُهُ مُحَقِّقُو الكُتُبِ عِنْدَ مُقَابَلاتِهِم لنُسَخِ الكِتَابِ الوَاحِدِ، فاللهُ المُسْتَعَانُ!
ومَا جَاءَ ذِكْرُهُ هُنَا؛ فَكُلُّهُ لمَّا كَانَتْ كُتُبُ السُّنَّةِ تَتَنَاقَلُ عَبْرَ الأجْيَالِ عَنْ طَرِيْقِ النُّسَخِ الخَطِّيَّةِ، أمَّا بَعْدَ ظُهُوْرِ آلاتِ الطِّبَاعَةِ، فَقَدْ تَغَيَّرَ الأمْرُ كَثِيْرًا؛ بحَيْثُ لم يَنْضَبِطْ لكَثِيْرٍ مِنَ الكُتُبِ تَصْحِيْحٌ أو تَحْقِيْقٌ إلَّا في حَالاتٍ قَلِيْلَةٍ، ولَيْسَ الخَبَرُ كالمُعَايَنَةِ.
لأجْلِ هَذَا؛ لَمَّا ظَهَرَتْ كُتُبُ الحَدِيْثِ في ثِيَابِ الطِّبَاعَةِ، قَامَ عِنْدَهَا أهْلُ العِلْمِ باسْتِحْدَاثِ طَرَائِقَ عِنْدَ عَرْضِهِم للكِتَابِ، يُوَضِّحُهُ مَا يَلي.
الصُّوْرَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا لم يَكُنْ عِنْدَ الشَّيْخِ نُسْخَةٌ خَطِّيةٌ مُصَحَّحَةٌ، بَلْ عِنْدَهُ طَبْعَةٌ مِنْهُ؛ لكِنَّهَا مُصَحَّحَةٌ عَنْ نُسْخَةِ شَيْخِهِ، وشيْخُهُ عَنْ شَيْخِه، وهَكَذَا إلى صَاحِبِ الأصْلِ، فَلا حَرَجَ والحَالَةُ هَذِهِ أنْ يَقُوْمَ الطُّلَّابُ بإحْضَارِ نَفْسِ طَبْعَةِ شَيْخِهِم أو غَيْرِهَا، ثُمَّ عِنْدَهَا يَقُوْمُوْنَ بعَرْضِ مَطْبُوْعِهِم على طَبْعَةِ شَيْخِهِم طَلَبًا للتَّصْحِيْحِ والتَّصْوِيْبِ.
وهَكَذَا، تَتَّصِلُ مَجَالِسُ سَمَاعِ الكُتُبِ المَطْبُوْعَةِ: عَنْ طَرِيْقِ عَرْضِ طَبْعَةٍ عَنْ طَبْعَةٍ، دُوْنَ انْقِطَاعٍ؛ حَتَّى يَصِلَ سَنَدُ عَرْضِ الكِتَابِ المَطْبُوْعِ ـ الَّذِي قُوْبِلَ على النُسْخَةِ الخَطِّيَّةِ المُعَارَضَةِ ـ إلى نُسْخَةِ مُؤلِّفِ الكِتَابِ.
الصُّوْرَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا كَانَ عِنْدَ الشَّيْخِ طَبْعَةٌ للكِتَابِ مُصَحَّحَةٌ عَنْ طَبْعَةِ شَيْخِهِ، وهَكَذَا عَنْ شَيْخِهِ، دُوْنَ انْتِهَاءٍ بِهَا إلى نُسْخَةٍ خَطِّيَّةٍ، بَلْ عَرْضُ طَبْعَةٍ عَنْ طَبْعَةٍ، وهَكَذَا حَتَّى تَنْتَهِي إلى الطَّبْعَةِ الأخِيْرَةِ، بشَرْطِ أنْ تَكُوْنَ هَذِهِ الأخِيْرَةُ قَدْ قَابَلَهَا مُحَقِّقُهَا على نُسْخَةٍ أو نُسَخٍ مُعْتَمَدَةٍ عِنْدَ أصْحَابِ مَنَاهِجِ التَّحْقِيْقِ المُعَاصِرَةِ، وهَذِهِ الصُّوْرَةُ هِيَ غَالِبُ مَجَالِسِ السَّمَاعِ اليَوْمَ.
فحِيْنَئِذٍ لا حَرَجَ والحَالَةُ هَذِهِ أنْ يَقُوْمَ الطُّلَّابُ بإحْضَارِ نَفْسِ طَبْعَةِ شَيْخِهِم أو غَيْرِهَا، ثُمَّ يَقُوْمُوْنَ بقِرَاءتِهَا على شَيْخِهِم للتَّصْحِيْحِ والتَّأكِيْدِ إنْ وُجِدَ، وهُوَ قَلِيْلٌ؛ لأنَّهَا أضْحَتْ قِرَاءَاتٍ لا عُرُوْضًا ومُقَابَلَةً.
* * *
واعْلَمْ أنَّ مَجْمُوعَ هَذِهِ الصُّوَرِ تُمثِّلُ في جُمْلَتِهَا: حَقِيْقَةَ مَجَالِسِ سَمَاعِ السُّنَّةِ قَدِيْمًا وحَدِيْثًا، ومَهْمَا يَكُنْ مِنْ أمْرٍ في تَحْرِيْرِ هَذِهِ الصُّوَرِ أو تَقْرِيْرِهَا، إلَّا أنَّهُ لا يَجُوْزُ لأهْلِ المَجَالِسِ بحَالٍ أنْ يَتَجَاهَلُوا مَسْألَةَ قِرَاءَةِ الأحَادِيْثِ على الوَجْهِ المَسْمُوْعِ للمُسْمِعِ والمُسْتَمِعِ، سَوَاءٌ أكَانَتْ القِرَاءَةُ سَرِيْعَةً أو مُتَسارِعَةً، وإلَّا وَقَعْنَا في مَحَاذِيْرَ شَرْعِيَّةٍ، كَمَا سَيَأتي ذِكْرُ بَعْضِهَا إنْ شَاءَ اللهُ.
هَذَا إذَا عَلِمْنَا أنَّ لقِرَاءَةِ القُرْآنِ الكَرِيْمِ ثَلاثَ مَرَاتِبَ: التَّرْتِيْلَ، والحَدْرَ، والتَّدْوِيْرَ.
أمَّا التَّرْتِيْلُ: فَهُوَ القِرَاءَةُ بتُؤدَةٍ واطْمِئْنَانٍ مَعَ تَدَبُّرِ المَعَاني وتَحْقِيْقِ المَبَاني، ويَحْصُلُ ذَلِكَ بمُرَاعَاةِ أحْكَامِ التَّجْوِيْدِ مِمَّا هُوَ مَعْلُوْمٌ عِنْدَ أهْلِ القِرَاءَاتِ.
وأمَّا الحَدْرُ: فَهُوَ الإسْرَاعُ في القِرَاءَةِ مَعَ المُحَافَظَةِ على قَوَاعِدِ التَّجْوِيْدِ، ومُجَانَبَةِ بَتْرِ الحُرُوْفِ واخْتِلاسِهَا.
وأمَّا التَّدْوِيْرُ: فَهُوَ مَرْتَبَةٌ بَيْنَ التَّرْتِيْلِ والحَدْرِ مَعَ المُحَافَظَةِ على قَوَاعِدِ التَّجْوِيْدِ، كَمَا مَرَّ مَعَنَا.
وعَلَيْهِ؛ فَإنَّ التَّرْتِيْلَ: هُوَ أفْضَلُ مَرَاتِبِ القِرَاءَةِ، أمَّا الحَدْرُ: فَهُوَ آخِرُهَا.
وبِمَا أنَّ الحَدْرَ يُعْتَبَرُ أسْرَعَ مَرَاتِبِ القِرَاءَةِ إلَّا أنَّ أهْلَ العِلْمِ مِنَ الفُقَهَاءِ والمُفَسِّرِيْنَ وأهْلِ التَّجْوِيْدِ قَدْ نَصُّوا فِيْهِ على مُرَاعَاةِ نُطْقِ الحُرُوْفِ نُطْقًا مَسْمُوعًا.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ في «الأُمِّ»: «أقَلُّ التَّرْتِيلُ تَرْكُ العَجَلَةِ فِي القُرْآنِ عَنِ الإبَانَةِ، وَكُلَّمَا زَادَ عَلَى أقَلِّ الإبَانَةِ في القِرَاءَةِ كَانَ أحَبَّ إليَّ مَا لَمْ يَبْلُغْ أنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فِيهَا تَمْطِيطًا».
وعَلَيْهِ؛ فمَنْ أخَلَّ بنُطْقِ الحُرُوْفِ أو الكَلِمَاتِ بَتْرًا واخْتِلاسًا: فَلا تُعَدُّ قِرَاءتُهُ عِنْدَ أهْلِ العِلْمِ قِرَاءَةً للقُرْآنِ، فَضْلًا أنْ تَكُوْنَ تَرْتِيْلًا للقُرْآنِ، فاحْذَرَ!
ومَا جَاءَ تَقْرِيْرُهُ هُنَا؛ فَهُوَ في حَقِّ أهْلِ الاسْتِطَاعَةِ مِنْ طُلَّابِ العِلْمِ المَهَرَةِ، أمَّا مَنْ عَجَزَ عَنْ تَقْوِيْمِ لِسَانِهِ، أو عَسُرَ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهُ كالجَاهِلِ والمُتَتَعْتِعِ، فَلَيْسَ هَذَا مَحَلَّهُم، لأنَّ لَهُم حَالًا مِنَ الأجْرِ يَتَنَاسَبُ مَعَ عَجْزِهِم وجَهْلِهِم، واللهُ تَعَالى أعْلَمُ.
وإنِّي أُعِيْذُكَ يَا طَالِبَ العِلْمِ أنْ تَرْكَنَ إلى مَجَالِسَ سَمَاعٍ تُسَاقُ فِيْهَا الأحَادِيْثُ النَّبَوِيَّةُ هَذْرًا وزَمْزَمَةً!
* * *
ومِنْ خِلالِ مَا مَضَى؛ فَإنِّي أقُوْلُ: إنَّ مَجَالِسَ السَّمَاعِ الَّتِي تُساقُ فِيْهَا الأحَادِيْثُ النَّبَوِيَّةُ مُكْرَهَةً تَحْتَ وَطْأةِ السُّرْعَةِ المُفْرِطَةِ الَّتِي لا يُسْمَعُ فِيْهَا مَا يُتْلى، ولا يُفْقَهُ عِنْدَهَا مَا يُلْقَى، كَأنَّها خَشْخَشَةُ هَشِيْمٍ مُحْتَضِرٍ: فَإنَّها حَرَامٌ، لا يَجُوْزُ فِعْلُهَا، ولا يَجُوْزُ حُضُوْرُهَا، لِمَا فِيْهَا مِنْ مَحَاذِيْرَ شَرْعِيَّةٍ، فَكَانَ مِنْهَا:
أوَّلًا: سُوْءُ الأدَبِ مَعَ حَدِيْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، والاسْتِخْفَافُ بشَعَائِرِ اللهِ تَعَالى، كَمَا قَالَ اللهُ: «ذَلِكَ ومَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ» (الحج: 32).
هَذَا إذَا عَلِمْنَا: أنَّ مَجَالِسَ السَّمَاعِ عِنْدَ سَلَفِ الأُمَّةِ مَا قَامَتْ آنَذَاكَ إلَّا تَعْظِيْمًا لحُرُمَاتِ اللهِ وشَعَائِرِهِ، كَمَا هُوَ مَسْطُوْرٌ مَشْهُوْرٌ في تَارِيْخِ رِجَالاتِ أهْلِ السُّنَّةِ.
وهَلْ يَسْتَسِيغُ مُسْلِمٌ عَاقِلٌ أنْ تُتْلَى أحَادِيْثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بسَبِيْلِ الهَذَيَانِ، تَحْتَ دَعْوَى إقَامَةِ مَجَالِسِ السَّمَاعِ، وتَحْتَ حُجَّةِ اسْتِماعِ مَا يُمْكنُ سَمَاعُهُ مِن كُتُبِ السُّنَّةِ في أقْصَرِ وَقْتٍ وأقَلِّهِ!
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّهَا قَالَتْ: ألَا يُعْجِبُكَ أبو فُلانٍ، جَاءَ فَجَلَسَ إلى جَانِبِ حُجْرَتِي يُحَدِّثُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُسْمِعُنِي ذَلِكَ، وكُنْتُ أُسَبِّحُ، فَقَامَ قَبْلَ أنْ أقْضِي سُبْحَتِي، ولَوْ أدْرَكْتُهُ لرَدَدْتُ عَلَيْهِ: «إنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لم يَكُنْ يَسْرُدُ الحَدِيْثَ كَسَرْدِكُم!» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وعَنْهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ كَلامُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ كَلامًا فَصْلًا يَفْهَمُهُ كُلُّ مَنْ سَمِعَهُ» أبو دَاوُدَ.
فَلَيْتَ شِعْرِي! مَاذَا سَتَقُوْلُ أُمُّ المُؤمِنِيْنَ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا لَوْ سَمِعَتْ شَيْئًا مِنْ مَجَالِسِ أهْلِ الهَذْرَمَةِ والهَذَيَانِ!
ثَانِيًا: العَجَلَةُ المَذْمُوْمَةُ شَرْعًا، الَّتِي تُفَوِّتُ المَطْلُوْبَ، أو تُجْلِبُ المَرْهُوْبَ، أو غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُخِلُّ بالقِرَاءَةِ.
ومَنْ قَرَأ أدِلَّةَ الكِتَابِ والسُّنَّةِ يَجِدُ أنَّ «العَجَلَةَ» لَم تَرِدْ فِيْهِمَا إلَّا على وَجْهِ الذَّمِّ إلَّا مَوَاضِعَ قَلِيْلَةً.
فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالى لنِبِيَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)» (القيامة: 16-19)، وقَالَ تَعَالى: «فَتَعَالَى اللهُ المَلِكُ الحَقُّ ولَا تَعْجَلْ بِالقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أنْ يُقْضَى إلَيْكَ وَحْيُهُ وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا» (طه: 114).
قَالَ ابنُ كَثِيْرٍ رَحِمَهُ اللهُ: «هَذَا تَعْلِيمٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في كَيْفِيَّةِ تَلَقِّيهِ الوَحْي مِنَ المَلَكِ، فَإنَّهُ كَانَ يُبَادِرُ إلى أخْذِهِ، ويُسَابِقُ المَلَكَ في قِرَاءَتِهِ، فَأمَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إذَا جَاءَهُ المَلَكُ بِالوَحْي أنْ يَسْتَمِعَ لَهُ، وتَكَفَّلَ لَهُ أنْ يَجْمَعَهُ في صَدْرِهِ، وأنْ يُيَسِّرَهُ لِأدَائِهِ على الوَجْهِ الَّذِي ألْقَاهُ إلَيْهِ، وأنْ يُبَيِّنَهُ لَهُ ويُفَسِّرَهُ وَيُوَضِّحَهُ.
قَالَ ابْنُ أبِي حَاتِمٍ في «تَفْسِيْرِهِ»: «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ يَلْقَى مِنْهُ شِدَّةٌ، وكَانَ إذَا نَزَلَ عَلَيْهِ عُرِفَ في تَحْرِيكِهِ شَفَتَيْهِ، يَتَلَقَّى أوَّلَهُ ويُحَرِّكُ بِهِ شَفَتَيْهِ خَشْيَةَ أنْ يَنْسَى أوَّلَهُ قَبْلَ أنْ يَفْرَغَ مِنْ آخِرِهِ، فَأنْزَلَ اللهُ: «لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ»، وهَكَذَا قَالَ الشَّعْبِيُّ، والحَسَنُ البَصْرِيُّ، وقَتَادَةُ، ومُجَاهِدٌ، والضَّحَّاكُ، وغَيْرُ وَاحِدٍ: إنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في ذَلِكَ» انْتَهَى كَلامُ ابنِ كَثِيْرٍ.
وقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «التَّأنِّي مِنَ اللهِ، والعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ» البَيْهَقِيُّ، وأبُو يَعْلَى، وغَيْرُهُمَا، وفِيْهِ سِنَانُ بنُ سَعْدٍ ضَعَّفُوْهُ، ومِنْ أهْلِ العِلْمِ مَنْ حَسَّنَهُ وهُوَ بَعِيْدٌ!
ومِنْ خِلالِ مَا ذَكَرَهُ اللهُ تَعَالى مِنْ نَهْيِهِ لنَبِيَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ العَجَلَةِ في تَلَقِّي القُرْآنِ والمُبَادَرَةِ بِهِ قَبْلَ أنْ يُتَلَى، كَانَ وَاجِبًا عَلَيْنَا جَمِيْعًا أنْ نَقِيْسَ قِرَاءَةَ السُّنَّةِ بالقُرْآنِ أمْرًا ونَهْيًا، واللهُ المُوَفِّقُ.
ثَالِثًا: مُجَانَبَةُ أهْلِ السُّنَّةِ ومُخَالَفَتُهُم في عَقْدِ مَجَالِسِهم لسَمَاعِ السُّنَّةِ، الأمْرُ الَّذِي يَنْظُمُهَا في شِعَابِ البِدَعِ؛ لكَوْنِهَا قَدْ خَالَفَتْ مَجَالِسَ السَّمَاعِ عِنْدَ أئِمَّةِ السَّلَفِ جِيْلًا بَعْدَ جِيْلٍ!
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
رَابِعًا: التَّشبُّهُ بحَالِ أهْلِ الشِّقَاقِ والنِّفَاقِ، وكَذَا التَّشبُّهُ بحَالِ السَّكَارَى والكَسَالى!
فالأوَّلُ مِنْهُما: مَنْ يَتَسَمَّعُ الحقَّ ولا يَسْمَعُهُ.
والثَّاني: مَنْ يُرِيْدُ الحَقَّ ولا يتَحَقَّقُهُ.
وعَنْ أصْحَابِ الحَالِ الأوَّلِ، يَقُوْلُ اللهُ تَعَالى: «ومِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إلَيْكَ حَتَّى إذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا» (محمد: 16)، وقال تَعَالى: «فَمَالِ هَؤُلَاءِ القَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا» (النساء: 78).
ومِثْلُ هَذَا الحَالِ ظَاهِرٌ في مِثْلِ هَذِهِ المَجَالِسِ الَّتِي تُسْرَدُ فِيْهَا الأحَادِيْثُ سَرْدًا دُوْنَ إعْلامٍ أو إفْهَامٍ، بَلْ لِسَانُ حَالِ بَعْضِهِم بَعْدَ خُرُوْجِهِم مِنْ مَجْلِسِ السَّمَاعِ: مَاذَا قَالُوا آنِفًا، إلَّا مَا رَحِمَ رَبُّكَ.
وعَنْ الحَالِ الثَّاني، يَقُوْلُ اللهُ تَعَالى: «يَا أيُّهَا الَّذِينَ أمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وأنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ» (النساء: 43)، وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «إذَا نَعَسَ أحَدُكُمْ فِي الصَّلاَةِ فَلْيَنَمْ، حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقْرَأُ» البُخَارِيُّ.
وهَذِهِ حَالُ مُعْظَمِ أصْحَابِ هَذِهِ المَجَالِسِ الَّتِي يَسْمَعُوْنَ فِيْهَا مَا لا يُدْرِكُونَ، ويَقْرَؤوْنَ فِيْهَا مَا لا يَعْلَمُوْنَ إلَّا بشَيءٍ مِنَ التَكَلُّفٍ والحَرَجِ!
فأصْحَابُ الحَالِ الأوَّلِ: قَدْ جَمَعُوا بَيْنَ فَسَادِ النِّيَّةِ وصَلاحِ العَمَلِ ظَاهِرًا.
وأصْحَابِ الحَالِ الثَّاني: قَدْ جَمَعُوا بَيْنَ صَلاحِ النِّيَّةِ وفَسَادِ العَمَلِ، واللهُ تَعَالى لا يَقْبَلُ مِنَ العَمَلِ إلَّا مَا كَانَ خَالِصًا صَائِبًا، أيْ: مَا اجْتَمَعَ فِيْهِ صَلاحُ النِّيَّةِ والعَمَلِ، وهُوَ مَا يُسَمَّى: بشَرْطَيْ الإخْلاصِ والمُتَابَعَةِ.
خَامِسًا: التَّشبُّهُ بمَجَالِسِ الطُّرُقِيِّةِ مِنْ أهْلِ التَّصَوُّفِ المَذْمُوْمِ، الَّذِيْنَ جَعَلُوا ذِكْرَ اللهِ عِضِيْنَ، فَلا تَسْمَعُ في مَجَالِسِ ذِكْرِهِم ـ غَالِبًا ـ: إلَّا الهَمْهَمَاتِ والتَّمْتَمَاتِ الَّتِي لا تُدْرَكُ مَبَانِيْهَا، ولا تُفْهَمُ مَعَانِيْهَا، وقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» أحْمَدُ.
سَادِسًا: الغِشُّ لطُلَّابِ العِلْمِ، يَوْمَ نُشْعِرُهُم: بَأنَّهُم مِمَّنْ أخَذُوا الأحَادِيْثَ النَّبَوِيَّةَ بطَرِيْقِ السَّمَاعِ، وأنَّهُم أيْضًا مِمَّن اقْتَفُوا آثَارَ أهْلِ السُّنَّةِ في مَجَالِسِ سَمَاعِهِم للسُّنَّةِ، وقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
سَابِعًا: حِرْمَانُ الصَّلاةِ على الرَّسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، وذَلِكَ مَاثِلٌ في سُرْعَةِ القِرَاءَةِ الَّتِي لا يَسْتَطِيْعُ عِنْدَهَا طُلَّابُ العِلْمِ أنْ يَتَحَقَّقُوا مِنْ سَمَاعِ الصَّلاةِ على رَسُوْلِ اللهِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الحَدِيْثِ مِنْ خِلالِ السُّرْعَةِ المُفْرِطَةِ!
وهَذَا مِمَّا حَذَّرَ مِنْهُ أئِمَّةُ الحَدِيْثِ وغَيْرُهُم؛ لأنَّهُم كَانُوا حَرِيْصِيْنَ كُلَّ الحِرْصِ على نَشْرِ الفَوَائِدِ الَّتِي يَتَعَجَّلُهَا طُلَّابُ الحَدِيثِ مِنْ خِلالِ مَجَالِسِهِم للحَدِيْثِ وسَمَاعِهِ، ولاسِيَّما ذِكْرِ الصَّلاةِ والسَّلامِ على النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
قَالَ اللهُ تَعَالى: «إنَّ اللهَ ومَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أيُّهَا الَّذِينَ أمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» (الأحزاب: 56).
وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عليَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرًا» مُسْلِمٌ.
وقَالَ السِّيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللهُ في «تَدْرِيْبِ الرَّاوِي» (2/622): «ويَنْبَغِي أنْ يُحَافِظَ على كِتَابَةِ الصَّلَاةِ والتَّسْلِيمِ على رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلَّمَا ذُكِرَ، ولَا يَسْأمَ مِنْ تَكْرَارِهِ، فَإنَّ ذَلِكَ مِنْ أكْثَرِ الفَوَائِدِ الَّتِي يَتَعَجَّلُهَا طَالِبُ الحَدِيثِ، ومَنْ أغْفَلَهُ حُرِمَ حَظًّا عَظِيمًا، فَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ أوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أكْثَرُهُمْ عليَّ صَلَاةً» صَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ: إنَّهُمْ أهْلُ الحَدِيثِ، لِكَثْرَةِ مَا يَتَكَرَّرُ ذِكْرُهُ فِي الرِّوَايَةِ فَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ.
وذَكَرَ البُلْقِينِيُّ فِي «مَحَاسِنِ الاصْطِلَاحِ» هُنَا عَنْ فَضْلِ الصَّلَاةِ لِلتُّجِيبِيِّ، قَالَ: جَاءَ بِإسْنَادٍ صَحِيحٍ أنَسٍ يَرْفَعُهُ: «إذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ جَاءَ أصْحَابُ الحَدِيثِ وبِأيْدِيهِمُ المَحَابِرُ فَيُرْسِلُ اللهُ إلَيْهِمْ جِبْرِيلَ فَيَسْأَلُهُمْ مَنْ أنْتُمْ؟ وهُوَ أعْلَمُ، فَيَقُولُونَ أَصْحَابُ الحَدِيثِ، فَيَقُولُ ادْخُلُوا الجَنَّةَ طَالَمَا كُنْتُمْ تُصَلُّونَ على نَبِيِّي في دَارِ الدُّنْيَا»، وهَذَا الحَدِيثُ رَوَاهُ الخَطِيبُ، وقَالَ: إنَّهُ مَوْضُوعٌ.
ويَنْبَغِي أنْ يَجْمَعَ عِنْدَ ذِكْرِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِلِسَانِهِ وبَنَانِهِ، ذَكَرَهُ التُّجِيبِيُّ، وإذَا ذَكَرَ الصَّلَاةَ لَفْظًا مِنْ غَيْرِ أنْ تَكُونَ في الأصْلِ فَيَنْبَغِي أنْ تَصْحَبَهَا قَرِينَةٌ تَدُلُّ على ذَلِكَ، كَرَفْعِ رَأسِهِ عَنِ النَّظَرِ فِي الكِتَابِ ويَنْوِي بِقَلْبِهِ أنَّهُ الْمُصَلِّي، لَا حَاكٍ لَهَا عَنْ غَيْرِهِ» انْتَهَى كَلامُهُ باخْتِصَارٍ.
ثَامِنًا: الكَذِبُ والتَّشبُّعُ بِمَا لم يُعْطَ؛ وذَلِكَ مِنْ خِلالِ دَعْوَاهُم: بأنَّهُم مِنْ أهْلِ مَجَالِسِ سَمَاعِ الحَدِيْثِ، وهُم في حَقِيْقَةِ الأمْرِ لم يَسْمَعُوا إلَّا تَمْتَمَاتٍ وهَمْهَمَاتٍ، لا يُسْمَعُ أوَّلُها، ولا يُدْرَكُ آخِرُهَا، فحَقِيْقَةُ مَجَالِسِ السَّمَاعِ عِنْدَهُم: أنَّهَا مَجَالِسُ اسْتِمَاعٍ بلا انْتِفَاعٍ، بَلْ ضَيَاعٌ وابْتِدَاعٌ، إلَّا مَا رَحِمَ رَبُّكَ.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ رَحِمَهُ اللهُ: «لَمْ نَرَ الصَّالِحِينَ في شَيْءٍ أكْذَبَ مِنْهُم في الحَدِيْثِ».
وقَالَ الإمَامُ مُسْلِمٌ: «يَقُولُ: يَجْرِي الْكَذِبُ عَلَى لِسَانِهِم، ولا يَتَعَمَّدُونَ الكَذِبَ».
وقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «مَنْ ادَّعَى دَعْوَى كَاذِبَةً لِيَتَكَثَّرَ بِهَا لَمْ يَزِدْهُ اللهُ إِلَّا قِلَّةً» مُسْلِمٌ.
وقَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ في «المَوْقِظَةِ»: «وقَدْ تَسَمَّحَ النَّاسُ في هَذِهِ الأعْصَارِ بالإسْرَاعِ المَذْمُوْمِ، الَّذِي يَخفَى مَعَهُ بَعْضُ الألْفَاظِ، والسَّمَاعُ هَكَذَا لا مَيْزَةَ لَهُ على الإجَازَةِ، بَلِ الإجَازَةُ صِدْقٌ، وقَوْلُكَ: «سَمِعْتُ، أو قَرَأتُ هَذَا الجُزْءَ كُلَّهُ»، مَعَ التَّمْتَمَةِ، ودَمْجِ بَعْضِ الكَلِمَاتِ: كَذِبٌ!
وقَدْ قَالَ الحَافِظُ النَّسَائيُّ في عِدَّةِ أمَاكِنَ مِنْ صَحِيْحِهِ: «وذَكَرَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا: كَذَا وكَذَا»، وكَانَ الحُفَّاظُ يَعْقِدُوْنَ مَجَالِسَ للإمْلاءِ، وهَذَا قَدْ عُدِمَ اليَوْمَ، والسَّمَاعُ بالإمْلاءِ يَكُوْنُ مُحقَّقًا ببَيَانِ الألْفَاظِ للمُسْمِعِ والسَّامِعِ» انْتَهَى كَلامُ الذَّهَبِيُّ.
وهُنَاكَ غَيْرُ مَا ذُكِرَ مِنْ مَحْظُوْرَاتِ مَجَالِسِ الهَذْرَمَةِ والهَذْلمَةِ، لَيْسَ هَذَا مَحَلَّ بَسْطِهَا، وفي بَعْضِ مَا ذَكَرْنَاهُ غُنْيَةٌ ومَقْنَعٌ لكُلِّ طَالِبٍ للحَقِّ ـ لاسِيَّما أهْلُ السُّنَّةِ والأثْرِ ـ فَضْلًا عَنِ اجْتِمَاعِهَا.
* * *
وأخِيْرًا؛ فَهَذِهِ نَصَائِحُ إيْمَانِيَّةٌ، ومَعَالِمُ سَلَفِيَّةٌ نَظَمْتُهَا لأهْلِ العِلْمِ الفُضَلاءِ مِمَّنْ تَصَدَّرُوا مَجَالِسَ السَّمَاعِ: بَأنْ يَتَّقُوا اللهَ تَعَالى فِيْمَا أخَذُوْهُ وفِيْمَا أعْطَوْهُ، وذَلِكَ بإقَامِةِ مَجَالِسِ السَّمَاعِ على الوَجْهِ الَّذِي أقَامَهُ سَلَفُ الأُمَّةِ على السَّدَادِ والاسْتِقَامَةِ، مِنْ خِلالِ إحْيَاءِ سُنَّةِ المَجَالِسِ بالقِرَاءَةِ المَسْمُوْعَةِ النَّافِعَةِ، وتَحَرِّي الأوْقَاتِ الوَاسِعَةِ، مَعَ إمْلاءِ التَّعْلِيْقَاتِ المُهِمَّةِ، ولاسِيَّما عِنْدَ الحَاجَةِ والضَّرُوْرَةِ مِمَّا يُعْجَمُ ذِكْرُهُ في المَتْنِ والسَّنَدِ، ومَا زَادَ على ذَلِكَ فَهُوَ فَضْلٌ مِنَ اللهِ تَعَالى يُؤتِيْهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ المُؤمِنِيْنَ.
والحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على عَبْدِهِ ورَسُوْلِهِ الأمِيْنِ
حُرِّرَ لَيْلَةَ السَّبْتِ لأرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ لعَامِ ألْفٍ وأرْبَعَمائَةٍ وخَمْسَةٍ وثَلاثِيْنَ مِنَ الهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ
وكَتَبَهُ/ ذِيَابُ بنُ سَعْدِ آل حَمْدَانَ الغَامِدِيُّ
الطَّائِفُ المَأنُوْسُ
www.thiab.net
thiab1000@hotmail.com
الفَهَارِسُ المَوْضُوْعِيَّةُ
المُقَدِّمَةُ:
أقْسَامُ مَجَالِسِ السَّمَاعِ الأرْبَعَةِ:
الأوَّلُ: مَجَالِسُ عَرْضٍ ومُدَارَسَةٍ.
الثَّاني: مَجَالِسُ عَرْضٍ وتَقْرِيْرٍ.
الثَّالِثُ: مَجَالِسُ عَرْضٍ وإقْرَاءٍ.
الرَّابِعُ: مَجَالِسُ إسْمَاعٍ فَقَط.
صُوَرُ العَرْضِ في مَجَالِسِ السَّمَاعِ:
الصُّوْرَةُ الأولى: عَرْضُ الطُّلَّابِ نُسَخَهُم على نُسْخَةِ شَيْخِهِم المُصَحَّحَةِ.
الصُّوْرَةُ الثَّانِيَةُ: عَرْضُ الطُّلَّابِ نُسَخَهُم على طَبْعَةِ شَيْخِهِم المُصَحَّحَةِ.
الصُّوْرَةُ الثَّالِثَةُ: عَرْضُ الطُّلَّابِ نُسَخَهُم على طَبْعَةِ شَيْخِهِم.
بَيَانُ مَرَاتِبِ قِرَاءَةِ القُرْآنِ الكَرِيْمِ:
التَّرْتِيْلُ: هُوَ القِرَاءَةُ بتُؤدَةٍ واطْمِئْنَانٍ مَعَ تَدَبُّرِ المَعَاني وتَحْقِيْقِ المَبَاني.
الحَدْرُ: هُوَ الإسْرَاعُ في القِرَاءَةِ مَعَ المُحَافَظَةِ على قَوَاعِدِ التَّجْوِيْدِ.
التَّدْوِيْرُ: هُوَ مَرْتَبَةٌ بَيْنَ التَّرْتِيْلِ والحَدْرِ مَعَ المُحَافَظَةِ على قَوَاعِدِ التَّجْوِيْدِ.
كَلامُ الإمَامِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ في بَيَانِ أقَلِّ التَّرْتِيلِ.
ذِكْرُ مَحَاذِيْرِ السُّرْعَةِ في مَجَالِسِ السَّمَاعِ:
أوَّلًا: سُوْءُ الأدَبِ مَعَ حَدِيْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
ثَانِيًا: العَجَلَةُ المَذْمُوْمَةُ شَرْعًا، الَّتِي تُفَوِّتُ المَطْلُوْبَ، أو تُجْلِبُ المَرْهُوْبَ.
ثَالِثًا: مُجَانَبَةُ أهْلِ السُّنَّةِ ومُخَالَفَتُهُم في عَقْدِ مَجَالِسِهم لسَمَاعِ السُّنَّةِ.
رَابِعًا: التَّشبُّهُ بحَالِ أهْلِ الشِّقَاقِ والنِّفَاقِ، و بحَالِ السَّكَارَى والكَسَالى.
خَامِسًا: التَّشبُّهُ بمَجَالِسِ الطُّرُقِيِّةِ مِنْ أهْلِ التَّصَوُّفِ المَذْمُوْمِ.
سَادِسًا: الغِشُّ لطُلَّابِ العِلْمِ.
سَابِعًا: حِرْمَانُ الصَّلاةِ على الرَّسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
ثَامِنًا: الكَذِبُ والتَّشبُّعُ بِمَا لم يُعْطَ.
ذِكْرُ بَعْضِ النَّصَائِحِ الإيْمَانِيَّةِ لأهْلِ العِلْمِ الَّذِيْنَ تَصَدَّرُوا مَجَالِسَ السَّمَاعِ.
الفَهَارِسُ المَوْضُوْعِيَّةُ.
|
|
|
|
|