الرد على الشيخ عائض القرني في قيادة المرأة للسيارة
عدد مرات القراءة: 786363
الرد على الشيخ عائض القرني في قيادة المرأة للسيارة 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد وصلني صباح هذا اليوم رسالة تضمنت كلاما منشورا عن أخي الشيخ عائض القرني حفظه الله، يدور حول مسألة «قيادة المرأة للسيارة» في بلاد الحرمين، فعندما قرأته ساءني ما قرأت وما رأيت، وقد طلب مني بعض الأفاضل أن أعلق على كلام الشيخ عائض بشيء من الاختصار، فكان ما يلي:
أول : أقول ما نشر عن الشيخ عائض هداه الله؛ لهو دليل واضح على جهله بجانب من جوانب المسألة، حيث اتفق أهل العلم أنّه يجب على الفقيه والمفتي قبل الكلام عن أي مسألة أن ينظر إلى دليلها وفقه واقعها، لا أن يقف عند أصل دليلها فقط، وقد قيل : الحكم على الشيء فرع عن تصوره!
أما ثانيا : ما ذكره الشيخ حفظه الله لا يمثل فقها عن المسألة، ولا علما بها، بل يمثل رأيه الوعظي عن المسألة، وهناك فرق بين كلام الوعاظ وبين أحكام الفقهاء، ولاسيما أنه هداه الله قد حكم وأفتى في المسألة بطريقة ضمنية، كما يأتي .
أما ثالثا : لا يجوز للشيخ عائض أن يبتر أقوال أهل العلم في المسألة، ولا أن يجتز منها ما يريد ويترك الباقي لحاجة في نفسه، هداه الله .
يوضحه؛ أنّ الشيخ حفظه الله، ذكر قولين متناقضين، ولم يذكر القول الوسط، الذي هو قول أهل العلم الربانيي من هيئة كبار العلماء وأهل الإفتاء وغيرهم من أهل العلم في المملكة العربية السعودية، ولاسيما أننا نتكلم عن مسألة تتعلق ببلاد الحرمين، وهذا في حد ذاته فيه تدليس على القراء وغش في النصيحة؛ حيث ذكر الشيخ لنا أنّ أحد الأقوال يرى في القيادة : تقدما حضاريا مثل الدول الثماني، (كما ذكر)، وذكر القول الآخر الذي يرى في القيادة : كفرا وإيمانا!
ما هكذا تورد يا عائض الإبل!
ثم إنّنا عند التحقيق نقول للشيخ الشيخ عائض حفظه الله : ما ذكرته عن أصحاب هذه الأقوال لا يمثل خلافا، لأنهم لا يمثلون أهل العلم، كما أنهم ليسوا طرفاً في خلاف هذه المسألة، ولاسيما أنهم أحد رجلين : إما علماني محترق، وإما جاهل متهور، وكلاهما ليسا من أهل العلم، لذا كان على الشيخ عائض أن ينقل خلاف أهل العلم، لا خلاف أهل الصحافة والخرافة!

أما رابعا : وهو النزول عند رأي الشيخ عائض وطلبه في تحرير هذه المسألة والحكم عليها : وهو عرضها على أهل العلم والاقتصاد ...!
فأقول : هل يخفى على الشيخ عائض هداه الله أنّ المسألة قد عرضت وبحثت منذ عشرين سنة أو يزيد على علمائنا الكبار في هذه البلاد، كما أنها عرضت على ولاة الأمر، والجهات الأمنية، وبحثت أيضا عند أهل الاختصاص كرجال المرور والاقتصاد، وكذا عرضت على مجلس الشورى وغيرهم ... وكلهم قد اتفقت كلمتهم على تحريم قيادة المرأة للسيارة ومنعها داخل بلاد الحرمين، وقد ذكرت في كتابي «قيادة المرأة للسيارة» في طبعته الأخيرة : كثيرا من هذه الفتاوي وأقوال أهل التخصص، ولا أظن الشيخ عائض يجهل مثل هذه الأقوال، ولا أشك أنه يعرفها كما يعرف أبناءه، لكنه قد تناساها عند زيارته لدولة الكويت وغيرها، وها هو الآن في بلاد الحرمين يريد أن يتجاهل هذه الأقوال في الوقت الذي يرمي بقنبلته الوعظية بين أبناء هذه البلاد : بأنّ هذه المسألة لم تحرر، ولم يُقضَ فيها بقول فاصل، وليس فيها إلا قولين لا غير!

أما خامسا : فإنه لا يجوز لأحد من أهل العلم أن يطلق بين أيدي العامة خلاف أهل العلم دون تمييز وبيان للحق والصواب من مجموع هذا الخلاف، وإلا عدّ هذا غشا منه لهم، أو جهلا منه بأصل المسألة، والحالة هذه لا يجوز للشيخ عائض أن يتصدر لهذه المسألة لا بحق ولا بباطل؛ حتى يحيط بخلاف أهل العلم في هذه المسألة، وأن يعرف الصواب منها، لا أن يطلقها للتشهي ولأهل الأهواء، وربما كان في هذا الإطلاق استعداءٌ على الصالحين، وقد كان وما زال!
أما سادسا : وهو أشد وقعا من وقع السهم المهند، وأضر ألما وحزنا بأهل الحق والصلاح، وهو أنّ حديث الشيخ عائض هداه الله عن «قيادة المرأة للسيارة» جاء في الوقت الذي نحن وجميع الصالحين من أهل العلم وولاة الأمر في هذه البلاد ... كلنا في خندق واحد ضد أهل الضلال والتغريب، ولاسيما عباد الشهوة الذين ليس لهم حديث في مقالاتهم أو لقاءاتهم إلا عن نساء الحرمين، مرة عن كشف وجهها ومرة عن مطالبتها بعملها وآخرى بدفعها للاختلاط بالأجانب وقيادتها للسيارة وسفرها بغير محرم، بل وتحريرها من كل قيود الفضيلة والعفاف ... جاء حديث أخي الشيخ عائض في الوقت الذي أهل الصلاح في هذه البلاد أحوج إليه في أن يقف معهم جنبا بجنب، لا أن يخذلهم ويسلمهم، أو يكثر سواد أهل الباطل، وليعلم الشيخ عائض أنه إذا لم يكن في خندق أهل الباطل في هذه المسألة (وهو كذلك)، فليحذر من أهل الواقفة، وما أدراك ما الواقفة : إنَّ الواقفة هم أشر وأضل من أهل الباطل، فأهل الباطل قد كشفوا لنا أفكارهم وهتكوا أستارهم، أما الواقفة فهم معاول هدم في جسد الأمة، وأهل تضليل وتدليس لإخوانهم المسلمين في أحلك الأوقات الحرجة، كما أنهم أبواب شر وأبواق ضلال من خلالهم يتسلل أهل الباطل بباطلهم، كما أنهم حجر عثرة أمام إخوانهم الصالحين المصلحين، ومن قرأ التاريخ علم أنّ أكثر عساكر وجحافل أهل الباطل العسكرية والفكرية لم تمرر ولم تدخل على المسلمين إلا عن طريق المنافقين والواقفة!
فالواقفة : لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، كالشاة العائرة، مرة تعير إلى هؤلاء ومرة إلى هؤلاء، وقد قيل : من أكل على مائدتين فقد اختنق!
وقد نص أئمة السلف قديما وحديثا : أنّ الواقفة هم أشر الطوائف، وأضل من أهل الباطل، فاحذر أخي عائض! ولا إخالك إلا مع الصالحين والمصلحين قديما ...، ولا عبرة بالقديم ولا بالبداية، بل العبرة بالنهاية : "وإنما الأعمال بالخواتم:، "ويبعث المرء على ما مات عليه»، والله الموفق .
وأخيرا؛ فإني أناشد أخي الشيخ عائض حفظه الله الحقَ الحقَ والعلمَ العلمَ، فإنّ الدنيا ساعة من نهار، فقس يومك بأمسك، واعدد جوابا بين يدي الله تعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، والله يهدي من يشاء .
وما جاء هنا من تعليق فهو من طرف القلم، وجناح السرعة، وإلا قد تكلمنا عن مسألة «قيادة المرأة للسيارة» بشيء من التفصيل، فمن أرادها فلينظر كتابي «قيادة المرأة للسيارة»، والله تعالى أعلم .


أخوك / ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي
الطائف، حرر (28 /6 / 1432)
 
اسمك :  
نص التعليق : 
      
 
 
 

 
 
 اشتراك
 انسحاب
اشتراك
انسحاب
 المتواجدون حاليا: ( 15 )
 الزيارات الفريدة: ( 2649005)