صيانة القرآن عن ألفاظ الحكاية والعبارة
عدد مرات القراءة: 533204
عِبَارَةُ القُرْآنِ الكَرِيْمِ أو حِكايَتُهُ
هُنَاكَ مُصَانَعَةٌ بِدْعِيَّةٌ جَاءَتْ مُؤَخَّرًا تَحْتَ وَطْأةِ أقْلامِ بَعْضِ كُتَّابِنَا المُعَاصِرِينَ، وذَلِكِ مِنْ خِلالِ وَصْفِهِم لِلقُرْآنِ الكَرِيمِ : بِالحِكَايَةِ أوْ العِبَارَةِ!
فَانْظُرْهُم في تَرْسِيمِ أقْوَالِهِم؛ حِينَمَا يَتَحَدَّثُونَ مَثَلًا عَنْ قِصَّةٍ في القُرْآنِ الكَرِيمِ : وقَدْ حَكَى القُرْآنُ قِصَّةَ مُوسَى مَعَ فِرْعَوْنَ .
أوْ قَوْلهُم : وقَدْ عَبَّرَ القُرْآنُ عَنْ قِصَّةِ إبْرَاهِيمَ مَعَ أبِيْهِ، وغَيْرِهَا مِنَ القِصَصِ والأخْبَارِ القُرْآنِيَّةِ، فَكُلُّ مَا يَأتي مِنْ ذِكْرِ القُرْآنِ : بِالحِكَايَةِ أوْ العِبَارَةِ فَهُوَ مِنْ عِبَارَاتِ أهْلِ الأهْوَاءِ والبِدَعِ، وذَلِكَ عِنْدَ إحَالاتِهِم إلى القُرْآنِ الكَرِيْمِ؛ فَمِثْلُ هَذِهِ العِبَارَاتِ لا شَكَّ أنَّهَا مِنْ إفْرَازَاِت الكُلابِيَّةِ والأشَاعِرَةِ .
فالكُلابِيَّةُ تَصِفُ القُرْآنَ بِالحِكَايَةِ، والأشَاعِرَةُ تَصِفُهُ بِالعِبَارَةِ، وكِلاهُمَا يَرْمِي إلى تَحْقِيقِ اعْتِقَادَاتِهِمُ الفَاسِدَةِ : بِأنَّ القُرْآنَ الَّذِي بَيْنَ أيْدِينَا مَخْلُوقٌ، سَوْاءٌ قَالُوا بِأنَّ اللهَ يَتَكَلَّمُ بِكَلامٍ مَخْلُوقٍ، أوْ بِكَلامٍ نَفْسِيٍّ، فَحَقِيقَةُ الأمْرِ أنَّهُم مُتَّفِقُونَ بِأنَّهُ مَخْلُوقٌ عِيَاذًا بِاللهِ، وهَذَا مِنْهُم خِلافُ مَا عَلَيْهِ إجْمَاعُ السَّلَفِ الصَّالِحِ : بِأنَّ القُرْآنَ كَلامُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، تَكَلَّمَ بِهِ بِحَرْفٍ وصَوْتٍ ... ولَيْسَ هَذَا مَحلَّ بَحْثِ هَذِهِ المَسْألَةِ الجَلِيلَةِ العَظِيمَةِ!
لِذَا؛ وَجَبَ على كُتَّابِنَا مِنْ أهْلِ السُّنَّةِ تَرْكُ هَذِهِ البِدْعَةِ الشَّنِيعَةِ، وذَلِكَ بِتَرْكِهِم لِمِثْلِ هَذِهِ العِبَارَاتِ الَّتِي يُدَنْدِنُ حَوْلَهَا أهْلُ البِدَعِ، وهِيَ : حَكَى القُرْآنُ، أوْ عَبَّرَ القُرْآنُ!
بَلْ عَلَيْهِم أوَّلًا إنْ كَانَ ولا بُدَّ : أنْ يُضِيْفُوا القَوْلَ إلى اللهِ تَعَالَى، ثُمَّ يُعَبِّرُوا ثَانِيًا بِمَا شَاءُوا مِنَ العِبَارَاتِ، كَقَوْلِهِم : قَالَ اللهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ قِصَّةِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلامُ مَعَ الهُدْهُدِ، أوْ قَالَ اللهُ تَعَالَى مُعَبِّرًا عَنْ بِرِّ الوَالِدَيْنِ بِخَفْضِ جَنَاحِ الذُّلِّ، وهَكَذَا في غَيْرِهَا مِنَ القَصَصِ والأخْبَارِ القُرْآنِيَّةِ .



فضيلة
الشيخ الدكتور
ذياب بن سعد الغامدي
صيانة الكتاب 
المجلد الثاني ص574
 
اسمك :  
نص التعليق : 
      
 
 
 

 
 
 اشتراك
 انسحاب
اشتراك
انسحاب
 المتواجدون حاليا: ( 35 )
 الزيارات الفريدة: ( 2648794)