حكم الأخذ من الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة
عدد مرات القراءة: 523473
"حكم الأخذ من الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة"
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين.
وبعد، فقد كثر السؤال هذه الأيام عن حكم الأخذ من الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحِّي؟ 
وكان الحامل على ذلك ظهورَ بعضِ الفتاوي مؤخرا لبعض الأفاضل من أهل العلم، التي تدلُّ على عدم تحريم ذلك، ما بين قائل: بالكراهة، وقائل: بالإباحة.
في حين أننا قد بينَّا في غير موضع من دروسنا العلمية ومنثورات الفتاوي وغيرها: القولَ بتحريم الأخذ من الشعرِ والأظافرِ والبَشرةِ لمن أراد أن يُضحّي عن نفسه، أو عن أهل بيته، أو وَكَّل من يُضحّي عنه، خلافًا لمن يُضحَّى عنه، فمثل هذا لا يُمنع من أخذ شيء ممَّا ذُكِر.
كما ذكرنا أنَّ الأصلَ في ذلك ما أخرجه مسلم وغيره من حديث أم سلمة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي فلا يَمس من شعره وبشَره شيئًا" وفي رواية: "فليمسك عن شعره وأظفاره"، وله ألفاظٌ أخرى.
وهو مذهب جمهور الصحابة، ولا نعلم له دليلا ظاهرا يخالفه، إلا بتأويل حديث عائشة رضي الله عنها، كما أنه مذهب كثير من التابعين، والفقهاء، وبه قال ابن المسيب، وربيعة، وإسحاق، ومالك، وأحمد، وبعض أصحاب الشافعي، وابن حزم، وابن القيم، والشوكاني، واللجنة الدائمة، وابن باز، والعثيمين، وغيرهم كثير.
- وليس للمخالف مُتمسَّكٌ إلا ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: "ولقد فتلت قلائد هدي النبي صلى الله عليه وسلم فلم يُمتنع من شيء كان أُحِلَّ له"، أي: من الطيب والنساء والشعر والأظفار ونحوه.           
قلت: لا شك أنَّ حديثَ أم سلمة نصٌّ في المسألة، فلا يحتمل التأويل ولا النسخ ولا التخصيص، بخلاف قول عائشة فإنه ليس نصًّا في المسألة، لكونه محلا للنظر والتأويل، وفيه تخريجات لأهل العلم منها: 
قيل: أنَّه يحتمل التأويل، وذلك بحمله على من بَعثَ هديَه وأقام في أهله، فإنه يقيم حلالا، ولا يكون محرمًا بإرسال الهدي، أما حديث أم سلمة فيحمل على من أراد أن يضحي، فعليه أن يمسك عن الأخذ من شعره وأظفاره، وعليه فلا منافاة بين الحديثين.
وقيل: أنَّ حديث عائشة عامٌّ مُخصّصٌ بحديث أم سلمة، وقيل: أنَّ عائشة أخبرت بأنها رأت ذلك ولم تسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فهي تتحدث عن ظاهر ما رأته من فعل النبي صلى الله عليه وسلم: كمباشرة اللباس والطيب ونحوه، أمّا ما يفعله عليه الصلاة والسلام خارجاً عن نظرها وبيتها : كقص الشعر وتقليم الأظافر ممَّا لا يفعله إلا نادرًا، فهذا ممَّا يخفى عليها، ومن خلال ذلك ظهر لنا أن حديثَ عائشة محلٌّ للتّأويل خلافًا لحديث أم سلمة، وما تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
هذا إذا علمنا أنَّ عائشةَ رضي الله عنها قد خالفت بعض الصحابةِ في بعض المسائل، والصوابُ مع غيرها، لكونها تحدَّثت عمَّا شاهدته غالبا، أو تأولته برأيها، والله تعالى اعلم.

فضيلة
الشيخ الدكتور
ذياب بن سعد الغامدي
 
اسمك :  
نص التعليق : 
      
 
 
 

 
 
 اشتراك
 انسحاب
اشتراك
انسحاب
 المتواجدون حاليا: ( 26 )
 الزيارات الفريدة: ( 2648776)