"المسند الموضوعي" الجامع للكتب.....
|
|
|
بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على عَبْدِهِ ورَسُوْلِهِ الأمِيْنِ.
أمَّا بَعْدُ؛ فَقَدْ أرْسَلَ لي الأخُ الشَّيْخُ المُبَارَكُ/ صُهَيْبُ بنُ عَبْدِ الجَبَّارِ حَفِظَهُ اللهُ، مُقَدِّمَةَ كِتَابِهِ: «المُسْنَدِ المَوْضُوعِي الجَامِعِ للكُتُبِ العَشَرَةِ»، مَعَ بَعْضِ النَّماذِجِ الحَدِيْثِيَّةِ، عَبْرَ الإمِيْلِ الخَاصِّ بِي، للاطِّلاعِ عَلَيْهِ، وإبْدَاءِ رَأيي فِيْهِ، فَمَا كَانَ مِنِّي إلَّا أنْ قَبِلْتُ هَذِهِ الهَدِيَّةَ العِلْمِيَّةَ، ولاسِيَّما وأنَّهُ قْدَ أحْسَنَ ظَنًّا برَأيي!
غَيْرَ أنَّنِي تَعَامَلْتُ مَعَ هَذَا الطَّلَبِ بشَيءٍ مِنَ التَّسْويفِ، لسَابِقِ عِلْمِي بأنَّ عِنْوَانًا مِثْلَ هَذَا لا يَخْلُو مِنْ دَعْوَى عَرِيْضَةٍ، أشْبَهَ بدَعَاوِي كَثِيْرٍ مِنْ طُلَّابِ عَصْرِنَا اليَوْمَ، وهَلُمَّ جَرًّا حَتَّى إذَا طَالَ بي التَّسْويفُ... إذْ بالأخِ صُهَيْبٍ حَفِظَهُ اللهُ يُؤكِّدُ لي طَلَبَهُ مِنْ خِلالِ رِسَالَةٍ تَذْكِيْرِيَّةٍ، يَحُثُّني فِيْهَا على الاطِّلاعِ على مَطْلُوبِهِ، في حِيْنِ أنَّ رِسَالَتَهُ لم تَسْلَمْ مِنْ مَسْحَةِ عِتَابٍ لا تُبِيْنُ، ولَهُ حَقٌّ؛ لأنَّ لصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا!
فَمَا كَانَ مِنِّي إلَّا أنِ اسْتَبَقْتُ الوَقْتَ للاطِّلاعِ على مَطْلُوبِهِ، فعِنْدَهَا تَنَاوَلْتُ مُقَدِّمَتَهُ بالقِرَاءَةِ والتَّدبُّرِ والتَّأمُلِّ، كَمَا سَرَّحْتُ نَاظِرَيْ في النَّماذِجِ الحَدِيْثِيَّةِ الَّتِي أُرْفِقَتْ كَأمْثِلَةٍ لمَا سِوَاهَا، ومَعَ هَذَا إلَّا أنَّنِي مِنْ خِلالِ قِرَاءتي كُنْتُ أتَرَاوَحُ بنَاظِرَيْ هُنَا وهُنَاكَ لَعَلَّ وعَسَى أنْ أجِد مَا ظَنَنْتُهُ قَبْلُ، بأنَّ هَذِهِ العَنَاوِيْنَ لا تَخْلُو غَالِبًا مِنْ دَعَاوَى عَرِيْضَةٍ!
وهَكَذَا مَضَيْتُ في رِحَابِ القِرَاءَةِ؛ حَتَّى إذا انْتَهَيْتُ مِنْ قِرَاءَةِ مُقَدِّمَتِهِ ونَمَاذِجِ أحَادِيْثِهِ، تَنَفَّسْتُ الصَّعُدَاءَ، وقُلْتُ في نَفْسِي: للهِ، ثُمَّ للتَّارِيْخِ!
* * *
لأجْلِ هَذَا؛ فإنِّي أحْبَبْتُ أنْ أذْكُرَ شَيْئًا مِنْ فَضَائِلِ «المُسْنَدِ المَوْضُوعِي»، وذَلِكَ مِنْ خِلالِ إشَارَاتٍ مُخْتَصَرَةٍ تُنْبؤكَ على مَضَامِيْنِهِ، باعْتِبَارِ أنَّ الكِتَابَ لم يُطْبَعْ بَعْدُ، فَكَانَ مِنْ هَذِهِ الإشْارَاتِ مَا يَلي:
أولًا: أنَّ كِتَابَ «المُسْنَدِ المَوْضُوعِي» يُعْتَبرُ كِتَابًا بَدِيعًا في تَرْتِيْبِهِ، مُفِيْدًا في جَمْعِهِ، عَزِيْزًا في وَضْعِهِ، بَلْ إخَالُهُ مِنْ فَرَائِدِ الكُتُبِ، ومِنْ نَوَادِرِ المُصَنَّفَاتِ!
ثَانِيًا: أنَّهُ يُعْتَبُر جَامِعًا نَافِعًا، كَافِيًا وَافِيًا، مُقْنِعًا مُغْنِيًا عَمَّا سِوَاهُ؛ لأنَّ أهْلَ العِلْمِ ـ قَدِيْمًا وحَدِيْثًا ـ قَدِ اتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُم على أنَّ أحَدًا لو جَمَعَ «الكُتُبَ السِّتَّةَ»، فَقَدْ جَمَعَ السُّنَّةَ كُلَّهَا، إلَّا أحَادِيْثَ يَسِيْرَةً، وعلى هَذَا مَضَى أئِمَّتُنَا في السِّبَاقِ في مِضْمَارِ التَّألِيْفِ حَوْلَ «الكُتُبِ السِّتَّةِ»: مَا بَيْنَ مُحَقِّقٍ لهَا ومُدَقِّقٍ، ومَا بَيْنَ جَامِعٍ لزَوَائِدِهَا ومُحَرِّرٍ لفَوَائِدِهَا... وهَكَذَا سَارَتْ عَجَلَةُ التَّألِيْفِ حَوْلَ «الكُتُبِ السِّتَّةِ» إلَّا نَفَرًا يَسِيْرًا زَادُوا عَلَيْهَا؛ لكِنَّهُم لم يَسْتَطِيْعُوا تَحْرِيْرَ مَا ادَّعَوْهُ، ولَيْسَ هَذَا مَحَلَّ ذِكْرِهَا!
ومَعَ هَذَا؛ فإنَّنَا نَجِدُ المُؤلِّفَ صُهَيْبًا لم يَكْتَفِ بجَمْعِ «الكُتُبِ السِّتَّةِ»، بَلْ دَفَعَتْهُ هِمَّتُهُ وقُوَّةُ عَزِيْمَتِهِ إلى تَضْمِيْنِ أرْبَعَةِ كُتُبٍ لا تَقِلُّ أهمِّيَّةً عَنِ السُّنَنِ الأرْبَعِ.
فعِنْدَهَا اجْتَمَعَتْ دَوَاوينُ السُّنَّةُ مُتَمَثِّلةً فِيْمَا يَلي: الصَّحِيْحَانِ، والسُّنَنُ الأرْبَعُ، والمُوطَّأ والمُسْنَدُ، وصَحِيْحُ ابنِ خُزَيْمَةَ، وصُحِيْحُ ابنِ حِبَّانَ.
فهَذِهِ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ، جَاءَتْ ضِمْنَ عِنْوَانِ: «المُسْنَدِ المَوْضُوعِي الجَامِعِ للكُتُبِ العَشَرَةِ»، سَواءٌ بمَرْفُوعَاتِهَا، أو مَوْقُوفَاتِهَا، أو مَقْطُوعَاتِهَا، أو مُعَلَّقَاتِهَا، فكُلُّهُ بَيْنَ يَدِيْكَ في الجُمْلَةِ.
وعَلَيْهِ، فَإنَّ عَمَلًا مِثْلَ هَذَا: يُعْتَبَرُ خَرِيْدَةً فَرِيْدَةً، وجَوْهَرَةً وَحِيْدَةً لا مَثِيْلَ لهَا فِيْمَا أعْلَمُ، ولاسِيَّما في تَحْرِيْرَاتِهِ وتَحْقِيْقَاتِهِ تَحْتَ مَبَاحِثَ مَوْضُوعِيَّةٍ يَنْدُرُ على العَالمِ الوَاحِدِ سَبْكُهَا، فَضْلًا أنْ يُحَرِّرَهَا: حَدِيْثًا حَدِيْثًا، بَلْ حَرْفًا حَرْفًا ... فللهِ الأمْرُ مِنْ قَبْلُ ومِنْ بَعْدُ!
ثَالِثًا: أنَّنِي لا أشُكُّ أنَّ كِتَابًا مِثْلَ هَذَا لا يَسْتَطِيْعُهُ رَجَلٌ ولا رَجُلانِ، بَل ولا ثَلاثَةٌ، بَلْ يَحْتَاجُ إلى كَوْكبَةٍ مِنْ أهْلِ العِلْمِ المُتَخَصِّصِيْنَ لا غَيْرَ، لكِنَّ اللهَ يُؤتي فَضْلَهُ مَنْ يَشَاءُ ... فَجَزَى اللهُ مُؤلِّفَهُ عَنِ السُّنَّةِ وأهْلِهَا خَيْرَ الجَزَاءِ.
رَابِعًا: أنَّ المُؤلِّفَ لم يَكْتَفِ بذِكْرِ مُتُوْنِ الأحَادِيْثِ، بَلْ تَاقَتْ نَفْسُهُ إلى ذِكْرِ أسَانِيْدِهَا دُوْنَ نُقْصَانٍ، وهَذَا في حَدِّ ذَاتِهِ يُعْتَبَرُ مَعْلَمَةً حَدِيْثيَّةً لا يَسْتَغْنِي عَنْهَا مُحَدِّثٌ ولا فَقِيْهٌ.
فإرْجَاعُ المُتُونِ إلى أسَانِيْدِهَا، يُعْتَبَرُ طِلْبَةً عِلْمِيَّةً، ورَغْبَةً حَدِيثِيَّةً، لا يُدْرِكُ عَظِيْمَ نَفْعِهَا إلَّا أرْبَابُ الفَنِّ مِنْ أهْلِ الحَدِيْثِ والفِقْهِ على حَدٍّ سَوَاءٍ!
خَامِسًا: أنَّ المُؤلِّفَ رَتَّبَ أحَادِيْثَ كِتَابِهِ على طَرِيْقَةِ أهْلِ المَسَانِيْدِ، ثُمَّ رَتَّبَهَا على طَرِيْقَةِ أهْلِ الكُتُبِ الفِقْهِيَّةِ، ، ثُمَّ رَتَّبَها على طَرِيْقَةِ أهْلِ التَّخْرِيْجِ.
بمَعْنَى: أنَّهُ سَرَدَ أحَادِيْثَ كُلِّ صَحَابيٍّ على حِدَةٍ، ثُمَّ بَوَّبَهَا فِقْهِيًّا، ثُمَّ قَدَّمَ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ أو أحَدُهُمَا، ثُمَّ ثَنَّى بأصْحَابِ الكُتُبِ الثَّمانِيَةِ، مَرَاعِيًّا تَأخِيْرَ الشَّوَاهِدِ والمُتَابَعَاتِ!
وهَذِهِ طَرِيْقَةٌ عَظِيْمَةُ النَّفْعِ، عَزِيْزَةُ الوَقْعِ، لا يُحْسِنُ حَقِيْقَتَهَا إلَّا مَنْ عَرَفَ ثَلاثَةَ مُصْطَلَحَاتٍ حَدِيْثِيَّةٍ مُتَعَاقِبَةٍ: فَنَّ طَرِيْقَةِ المُسَانِيْدِ، ثُمَّ فَنَّ التَّرْتِيْبِ الفِقْهِيِّ، ثُمَّ فَنَّ عِلْمِ التَّخْرِيْجِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عِلْمٌ مُسْتَقِلٌّ بنَفْسِهِ، فَجَزَى اللهُ المُؤلِّفَ خَيْرًا.
فجَمْعًا هَذَا سَبِيْلُهُ، يُعْتَبَرُ عَزِيْزًا على كَثِيْرٍ مِنْ أهْلِ الحَدِيْثِ؛ فَضْلًا عَمَّنْ سِوَاهُم!
كَمَا أنَّنِي لا أعْلَمُ كِتَابًا بَلَغَ مَبْلَغَهُ في هَذِهِ الطَّرِيْقَةِ إلَّا مَا كَانَ مِنْ كِتَابِ: «المُسْنَدِ المُصَنَّفِ المُعَلَّلِ» الَّذِي ألَّفَهُ المُحُقِّقُ الكَبِيْرُ بَشَّارعَوَّادٌ وجَمَاعَةٌ؛ حَيْثُ إنَّهُم جَمَعُوا بَيْنَ الفُنُونِ الثَّلاثةِ مَعَ زِيادَةِ فَنِّ العِلَلِ الَّذِي يُعتَبرُ عِلمًا عَزيزًا عِنْدَ المُتَقدِّمِينَ؛ فَضَلًا عَنِ المُتأخِّرينَ، غَيْرَ أنَّهُم لم يُرَتِّبُوْهُ (جَمِيْعًا) تَرْتِيْبًا فِقْهِيًا، ولَوْلا ذَا؛ لأصْبَحَ كِتَابُهُم: آيَةًّ مِنْ آيَاتِ مُصَنَّفَاتِ أهْلِ العِلْمِ قَدِيْمًا وحَدِيْثًا دُوْنَ مُنَازِعٍ، فعَسَاهُم يُرَتِّبُونَهُ على طَرِيْقَةِ كُتُبِ أهْلِ السُّنَنِ في طَبْعَتِهِ الجَدِيْدَةِ، واللهُ المُوَفِّقُ للصَّوَابِ!
سَادِسًا: أنَّهُ ذَكَرَ حُكْمَ كُلِّ حَدِيْثٍ عَقِبَهُ (عَدَا أحَادِيْثِ الصَّحِيْحَيْنِ)، كُلُّ ذَلِكَ تَقْلِيْدٌ مِنْهُ لأحْكَامِ الشَّيْخِ المُحَدِّثِ الألْبَانيِّ رَحِمَهُ اللهُ، وغَيْرِهِ مِنَ المُعَاصِرِيْنَ.
وفي الكِتَابِ فَوَائِدُ كَثِيْرَةٌ يَضِيْقُ هَذَا المَقَالُ عَنْ ذِكْرِهَا، وعُذْرِي أنَّ الكِتَابَ لم يَصِلْنِي مِنْهُ إلَّا المُقَدِّمَةُ، وبَعْضُ النَّماذِجِ الحَدِيْثِيَّةِ!
ومَنْ أرَادَ تَفْصِيْلًا للمَنْهَجِ الَّذِي وَضَعَهُ مُؤلِّفِهِ للكِتَابِ؛ فَلْيَنْظُرْهُ في مُقَدِّمَتِهِ.
* * *
وبِمَا أنَّ كِتَابَ «المُسْنَدِ المَوْضُوعِي» للشَّيْخِ صُهَيْبٍ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، لم يُطْبَعْ بَعْدُ؛ فإنِّي أحْبَبْتُ أنْ أُشِيْرَ إلى بَعْضِ المَلْحوظَاتِ الَّتِي يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهَا قَبْلَ طَبْعِهِ، فمِنْهَا:
1ـ أنْ يَجْتَهِدَ المُؤلِّفُ حَفِظَهُ اللهُ في مُقَابَلَةِ بَعْضِ كُتُبِ السُّنَّةِ على طَبَعَاتِهَا الجَدِيْدَةِ إنْ أمْكَنَ؛ لمَا يَعْلَمُ الجَمِيْعُ أنَّ كَثِيْرًا مِنَ التَّحْقِيْقَاتِ الجَدِيْدَةِ لكُتُبِ السُّنَّةِ فِيْهَا مِنَ الزَّوائِدِ والاسْتِدْرَاكَاتِ مَا لا يُوْجَدُ في المَطْبُوعَاتِ القَدِيْمَةِ.
وأخُصُّ بالجَدِيْدَةِ الآنَ: مَا حَقَّقَتْهُ مُؤسَّسَةُ الرِّسَالَةِ العَالميَّةِ لكُتُبِ السُّنَّةِ (الصَّحِيْحَيْنِ، والسُّنَنِ الأرْبَعِ، والمُوَطَّأ، والمُسْنَدِ، وابنِ حِبَّانَ)، ومَا حَقَّقَتْهُ أيْضًا دَارُ التَّأصِيْلِ لكِتَابِ صَحِيْحِ ابنِ خُزَيْمَةَ، وابنِ حِبَّانَ.
2ـ أنْ يَجْتَهِدَ المُؤلِّفُ في تَحْرِيْرِ أحْكَامِ الشَّيْخِ الألْبَانيِّ رَحِمَهُ اللهُ على الأحَادِيْثِ، وذَلِكَ بالنَّظَرِ إلى مَجْمُوعِ مَا ذَكَرَهُ الألْبَانيُّ في جَمِيْعِ كُتُبِهِ حَوْلَ الحَدِيْث؛ لأنَّهُ قَدْ يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ مِنْ كِتَابٍ إلى آخَرَ، وإنْ كَانَ هَذَا قَلِيْلٌ باعْتِبَارِ مَجْمُوعِ أحْكَامِهِ على الأحَادِيْثِ؛ لكِنَّ إعْمَالَ مِثْلَ هَذَا النَّظَرِ لهُوَ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ أهْلِ العِلْمِ.
3ـ كَمَا على المُؤلِّفِ ألَّا يَعْتَمِدَ على كُتُبِ «ضَعِيْفِ السُّنَنِ الأرْبَعِ» الَّتِي حَكَمَ عَلَيْهَا الشَّيْخُ الألْبَانيُّ بالضَّعْفِ؛ لكَوْنِهِ رَحِمَهُ اللهُ حَكَمَ عَلَيْهَا مِنْ طَرِيْقٍ وَاحِدٍ، وقَدْ عُلِمَ أنَّ تَضْعِيْفَ الأحَادِيْثِ لا يُؤخَذُ مِنْ طَرِيْقٍ وَاحِدٍ؛ خِلافًا للتَّصْحِيْحِ، فتَأمَّلْ!
ومِنْ أسَفٍ أنَّ بَعْضَ طُلَّابِ العِلْمِ قَدِ غَفِلُوا عَنْ مِثْلِ هَذِهِ القَضِيَّةِ المَنْهَجِيَّةِ، وعَلَيْهِ فإنَّهُ لا يَجُوْزُ شَرْعًا ولا وَضْعًا الاعْتَمادُ على أحْكَامِ الشَّيْخِ الألْبَانيِّ في القِسْمِ الضَّعِيْفِ لكُتُبِ السُّنَنِ الأرْبَعِ، وإنْ كُنَّا جَمِيْعًا نَعْلَمُ أنَّ الألْبَانيَّ رَحِمَهُ اللهُ لم يَكُنْ رَاضٍ على تَقْسِيْمِ السُّنَنِ الأرْبَعِ إلى صَحِيْحٍ وضَعِيْفٍ، ولكِنَّ اللهَ قَدَّرَ، ولَيْسَ هَذَا مَحَلَّ ذِكْرِهِ!
4ـ كَمَا على المُؤلِّفِ ألَّا يَغْفَل عَنْ شَرْحِ بَعْضِ غَرِيْبِ الأحَادِيْثِ، وكَشْفِ مُشْكِلِهَا، وبَيَانِ نَاسِخِهَا مِنْ مَنْسُوخِهَا، وشَيءٍ مِنْ فِقْهِهَا، ولاسِيَّما فِيْمَا يَتَعَلَّقُ بمَسَائِلِ العَقِيْدَةِ، ولو بشَيءٍ مِنَ التَّذْكِيْرِ، دُوْنَ تَوَسُّعٍ ولا بَسْطٍ، وهَذَا الأخِيْرُ رَأيٌ مِنِّي، لا اسْتِدْرَاكٌ!
5ـ كَمَا على المُؤلِّفِ ألَّا يَغْفَل عَنْ صِنَاعَةِ فَهَارِسَ عِلْمِيَّةٍ شَامِلَةٍ جَامِعَة، تَأخُذُ بمَجَامِيْعِ فَوَائِدِ كِتَابِ «المُسْنَدِ المَوْضُوعِي»، ولاسِيَّما وأنَّ الكِتَابَ كَبِيْرُ الحَجْمِ، عَظِيْمُ النَّفْعِ.
6ـ كَمَا على المُؤلِّفِ أنْ يَجْتَهِدَ في طِبَاعَةِ كِتَابِهِ العُبَابِ «المُسْنَدِ المَوْضُوعِي» طِبَاعَةً تَلِيْقُُ بِهِ: مَا بَيْنَ إتْقَانٍ للصَّفِّ والتَّنْسِيْقِ، وجَوْدَةٍ للتَّجْلِيْدِ، وغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ مُهِمَّاتِ الطِّبَاعَةِ الفَاخِرَةِ؛ لأنَّ ذَلِكَ مِنْ تَعْظِيْمِ حُرُمَاتِ اللهِ!
وبَعْدُ؛ فَكُلُّ مَا ذَكَرْتُهُ هُنَا مِنْ مَلْحُوظَاتٍ: رُبَّما كَانَ بَعْضُهُ مَوْجُودًا في كِتَابِ «المُسْنَدِ المَوْضُوعِي»، لكِنَّنِي كَتَبْتُهَا للتَّذْكِيْرِ، وعُذْرِي أنَّنِي لم اطَّلِعْ على مَجْمُوعِ الكِتَابِ، واللهُ تَعَالى أعْلَمُ.
وأخِيْرًا؛ فهَذَا رَأيٌ، والرَّأيُ كالظَّنِّ، والظَّنُّ لا يُغْنِي عَنِ الحَقِّ شَيْئًا.
* * *
وقَبْلَ أنْ أرْفَعَ القَلَمَ، فإنَّنِي بَعْدَ أنْ ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ مُمَيِّزَاتِ كِتَابِ «المُسْنَدِ المَوْضُوعِي»، فَإنِّي لا أسْتَأخِرُ عَنِ الإشَادَةِ بالجُهْدِ الَّذِي بَذَلَهُ صَاحِبُهُ حَفِظَهُ اللهُ، والعَمَلِ الَّذِي قَدَّمَهُ لأمَّتِهِ عَامَّةً، ولطُلَّابِ العِلْمِ خَاصَّةً، فجَزَاهُ اللهُ خَيْرَ الجَزَاءِ.
* * *
وأخِيْرًا؛ فَإنِّي أرْفَعُ صَوْتِي لأصْحَابِ المَكْتَبَاتِ الإسْلامِيَّةِ، وأهْلِ اليَسَارِ مِنَ المُحْسِنِيْنَ: بأنْ يَنْتَهِزُوا هَذِهِ الغَنِيْمَةَ البَارِدَةَ، وذَلِكَ مِنْ خِلالِ السَّعْيِ الحَثِيثِ إلى طِبَاعَةِ كِتَابِ «المُسْنَدِ المَوْضُوعِي» بكُلِّ مَا يَسْتَطِيْعُونَ، فوَاللهِ إنَّهُ لذُخْرٌ لَهُم في دِيْنِهِم ودُنْيَاهُم، واللهُ المُوَفِّقُ، والهَادِي إلى سَوَاءِ السَّبِيْلِ.
وكَتَبهُ
الشَّيْخُ الدّكتُور
ذِيابُ بنُ سَعْد آل حَمْدَانَ الغَامِديُّ
الطَّائِفُ المَأنُوسُ
(15/4/1436)
|
|
|
|
|